الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالي - : " ولو ادعاه الذي وجده ألحقته به ، فإن ادعاه [ ص: 53 ] آخر أريته القافة ، فإن ألحقوه بالآخر أريتهم الأول ، فإن قالوا إنه ابنهما لم ننسبه إلى أحدهما حتى يبلغ فينتسب إلى من شاء منهما ، وإن لم يلحق بالآخر فهو ابن الأول " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورة هذه المسألة في رجل وجد لقيطا فادعاه ولدا فدعواه مسموعة وقوله مقبول ، ويحكم له ببنوته ، سواء ادعاه مع التقاطه أو بعده : لأنه لا منازع له ليمنع منه ، وينبغي أن يسأله الحاكم استظهارا من أين صار ولدك أمن أمة أو زوجة في نكاح أو شبهة ، فإن أغفل كل ذلك جاز : لأن قوله فيه مقبول ، فإن جاء آخر بعد إلحاقه بالواجد فادعاه ولدا لم يقبل قوله بمجرد الدعوى : لأن الأول بادعائه له قد صار دافعا لدعواه ولا يمنع منها لاحتمالها ، وأن إلحاقه بالأول إنما كان تغليبا لصدقه عند عدم المنازع ، وإذا كان كذلك وجب أن يرى الثاني مع الولد القافة : لأن فيها بيانا عند التنازع في الأنساب ، فإن نفوه عن الثاني استقر لحوقه بالأول استصحابا لسابق الحكم ، وإن ألحقوه بالثاني عرض عليهم الولد مع الأول ، فإن نفوه عن الأول لحق بالثاني وانتفى عن الأول : لأن القافة حجة في إثبات الأنساب وكالبينة ، فكانت أولى من إلحاقه بدعوى الأول ، فإن أقام الأول بعد إلحاق القافة له بالثاني بينة على الفراش بأربع نسوة عدول يشهدن أنه ولد على فراشه لحق بالأول ببينته وكان أولى من إلحاق القافة له بالثاني بشبهه : لأن حكم الشبه يسقط مع ثبوت الفراش ، ألا ترى لو أن ولدا على فراش رجل فادعاه آخر وألحقته القافة به لم يلحق وكان ولد صاحب الفراش : لتقديم الفراش على حكم الشبه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية