الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا صار مالكها كما ذكرنا فقد ضمنها لصاحبها ، فمن جاء طالبا لها رجع بها إن كانت باقية ، وليس للمتملك أن يعدل به مع بقائها إلى بدلها ، وإن كانت تالفة رجع ببدلها ، فإن كانت ذا مثل رجع بمثلها ، وإن كانت غير ذي مثل رجع بقيمتها حين تملكها : لأنه إذ ذاك صار ضامنا لها ، فإن اختلفا في القيمة فالقول قول متملكها : لأنه غارم ، فلو كانت عند مجيء صاحبها باقية بعينها لكن قد حدث فيها نماء منفصل ، رجع بالأصل دون النماء : لحدوث النماء على ملك الواجد ، فلو عرف الواجد صاحبها ، وجب عليه إعلامه بها ، ثم ينظر ، فإن كان ذلك قبل تملكها فمؤنة ردها على صاحبها دون الواجد كالوديعة ، فإن كان قصد أن يتملكها الواجد فمؤنة [ ص: 16 ] ردها عليه دون صاحبها : لبقائها على ملكه ما لم تصل إلى يد صاحبها . وقال الكرابيسي : إذا تملك الواجد اللقطة فلا غرم عليه لصاحبها ، ولكن له الرجوع بها بعد التملك ، وإن كانت باقية بعينها . استدلالا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها ، وروي : إلا فهي لك . فلم يجعل عليه بدلا ، ولأنه تملك كالركاز ، فلما ملك الركاز بغير بدل ملك اللقطة أيضا بغير بدل .

                                                                                                                                            وهذا قول خالف فيه نص الشافعي وجمهور الفقهاء : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عليا - عليه السلام - بالغرم ، فلما أعسر غرمه عنه ، ولأن مقصود اللقطة حفظها على مالكها ، وفي إسقاط الغرم استهلاك لها ، ولأن ملك المسلم لا يستباح من غير اختياره إلا ببدل ، كأكل مال الغير ، فأما الركاز فليس المقصود به حفظه على مالكه ، ولذلك سقط تعريفه وصار كسبا محضا لذلك وجب خمسه ، فافترقا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية