الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والقسم الثالث : أن يوصي إليهما ، فلا يأمرهما بالاجتماع ولا يأذن لهما في الانفراد ، فمذهب الشافعي : عليهما أن يجتمعا على الوصية إذا أطلقت وليس لواحد منهما التفرد بها ، كما لو أمرهما بالاجتماع عليهما .

                                                                                                                                            وقال أبو يوسف : يجوز لكل واحد منهما أن ينفرد بها .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يجوز انفراد كل واحد بما يخاف فواته أو ضرره وذلك ستة أشياء : الكفن ، ورد الودائع ، وقضاء الديون ، وإنفاذ الوصايا المعينة ، والنفقة على الأطفال وكسوتهم ، وعليهما الاجتماع فيما سوى هذه الستة ، فإن انفرد بها أحدهما لم يجز .

                                                                                                                                            وكلا المذهبين فاسد ؛ لأن الوصايا موضوعة لفضل الاحتياط وهي أغلظ حالا من الوكالات ، فلما كان توكيل اثنين على الإطلاق يمنع من تفرد أحدهما بالوكالة ، كانت الوصية إلى اثنين على الإطلاق أولى أن يمنع من تفرد أحدهما بالوصية ، ولأن تخصيص أبي حنيفة للستة من بين الجميع خوف الضرر ، قول يفسد ؛ لأنه لو ترك طعاما رطبا يخاف تلفه إن ترك لم يكن لأحدهما أن ينفرد ببيعه وإن خيف ضرره ، فكذلك غيره ، فعلى هذا يكون حكم إطلاق الوصية إليهما كالحكم في اجتماعهما عليها ، فإن مات أحدهما أو فسق أبدل [ ص: 338 ] الحاكم مكانه غيره ، فإن تفرد الباقي منهما بالنظر ، ضمن متعلق بعقد أو اجتهاد ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية