الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ومن حضر بفرسين فأكثر لم يعط إلا لواحد : لأنه لا يلقى إلا بواحد ، ولو أسهم لاثنين لأسهم لأكثر ولا يسهم لراكب دابة غير دابة الخيل " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح .

                                                                                                                                            إذا حضر الفارس الوقعة بأفراس لم يعط إلا سهم فرس واحد ولو حضرها بمائة فرس . وبه قال أبو حنيفة ومالك وأكثر الفقهاء ، وقال الأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق : يسهم لفرسين ولا يسهم لأكثر استدلالا بما روى مكحول أن الزبير بن العوام حضر خيبر بفرسين فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسة أسهم : سهم له ، وأربعة أسهم لفرسيه ، ولأن الثاني عدة [ ص: 419 ] مجيئها يراوح بينه وبين الأول إن أعيا أو زمن ، فكان تأثيرهما أكثر مع ما قد تكلفه لهما من زيادة المؤنة ، وهذا خطأ .

                                                                                                                                            ودليلنا ما رواه أبو عاصم عن نافع عن ابن عمر أن الزبير بن العوام حضر خيبر ومعه أفراس فلم يسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لفرس واحد .

                                                                                                                                            وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حضر خيبر ومعه ثلاثة أفراس : السكب والظرب والمرتجز ، فلم يأخذ السهم إلا لواحد ، ولأنه لا يقاتل إلا على واحد منها ، ولو تحول عنه صار تاركا له ويكون الثاني إن انتقل إليه كالثالث في أنه قد يجوز أن ينتقل إليه ولا يسهم له ، فكذلك الثاني ويصير ما سوى الأول زينة واستظهارا لا يتعلق به حكم الاستحقاق ، كخدم الزوجة لا تستحق إلا نفقة واحدة منهم ، لوقوع الكفاية به ويصير ما عداه زينة وزيادة واستظهارا .

                                                                                                                                            وأما حديث مكحول فقد روينا عن ابن عمر خلافه وهو صحابي خبره مسند وذاك تابعي خبره مرسل ، وأما استدلالهم أن الثاني عدة وقد تكلف له زيادة مؤنة ، فهذا حال الثالث أيضا ولا يوجب السهم له ، فكذلك الثاني .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية