الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو أوصى له بمكيلة حنطة مما في بيته ، ثم خلطها بمثلها لم يكن رجوعا وكانت له المكيلة بحالها " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد مضى الكلام فيمن أوصى بصبرة مميزة وأنه متى خلطها بغيرها كان رجوعا .

                                                                                                                                            فأما مسألتنا هذه مصورة في رجل أوصى لزيد بقفيز من صبرة حنطة في بيته ثم خلطها ، فهذا على ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يخلطها بمثلها ، فهذا لا يكون رجوعا ؛ لأن القدر الموصى به كان مختلطا بغيره وخالف الحنطة المتميزة التي يصير خلطها رجوعا .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يخلطها بأجود منها فهذا يكون رجوعا ؛ لأنه قد أحدث فيها بالخلط زيادة لا يملكها الموصى له ، فصار كالذهب إذا صاغه .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يخلطها بأردأ منها ، ففي كونه رجوعا وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما وهو قول علي بن أبي هريرة : لا يكون رجوعا ؛ لأنه نقص أحدثه فيها ، فصار كما لو أخذ بعضها لم يكن رجوعا فيما بقي عنها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يكون رجوعا ؛ لأن الحنطة تتغير بالأردإ ، كما تتغير بالأجود وجملة ما يكون رجوعا في الوصية مع بقائها على ملك الموصي أن يقصد إلى استهلاكها ، أو يحدث فيها بفعله زيادة لا يمكن تمييزها .

                                                                                                                                            [ ص: 318 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية