الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الشرط الرابع وهو الإسلام لقوله تعالى : لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة [ التوبة : 10 ] . ولقوله تعالى : لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم [ آل عمران : 118 ] .

                                                                                                                                            وهذه الآية كتب بها عمر إلى أبي موسى - رضي الله عنهما - حين اتخذ كاتبا نصرانيا .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : الوصية إليه موقوفة على فسخ الحاكم ، فإن تصرف قبل أن يفسخها الحاكم عليه كان تصرفه نافذا .

                                                                                                                                            وهذا فاسد ؛ لأنه لا يخلو أن تكون الوصية إليه جائزة ، فلا يجوز للحاكم أن يفسخها عليه ، أو تكون باطلة ، فلا يجوز فيها تصرفه .

                                                                                                                                            وإذا كان هكذا وجب أن يكون تصرفه فيما يتعلق بعقد أو اجتهاد مردودا ، فأما ما تعين من دين قضاه ، أو وصية بمعين لمعين دفعها ، فلا يضمنها ، لوصول ذلك إلى مستحقه ، ولأنه لو أخذه مستحقه من غير نائب أو وسيط صار إلى حقه وليس كالذي يعقده من بيع ، أو يجتهد فيه من تفريق ثلث ، بل ذلك كله مردود وهو لما دفعه من ذلك ضامن .

                                                                                                                                            فأما وصية الكافر إلى المسلم فجائزة لظهور أمانته فيها .

                                                                                                                                            وأما وصية الكافر إلى الكافر ففيها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما وهو قول ابن أبي هريرة : تجوز كما يجوز أن يكون الكافر وليا لكافر .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا تجوز ، كما لا يجوز أن تقبل شهادة الكافر لكافر ولا مسلم ، فهكذا لا يجوز أن يكون الكافر وصيا لكافر ولا مسلم .

                                                                                                                                            [ ص: 331 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية