الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو كان أكثر من الثلث فأجاز الورثة في حياته لم يجز ذلك إلا أن يجيزوه بعد موته " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا أوصى بأكثر من ثلثه ، وسأل وارثه إجازة وصيته ، فأجازها في حياته ، لم يلزمه الإجازة ، وكان مخيرا بعد الموت بين الإجازة والرد ، وبه قال أبو حنيفة وأكثر الفقهاء .

                                                                                                                                            [ ص: 229 ] وقال الحسن البصري وعطاء والزهري : قد لزمتهم الإجازة ، سواء أجازوا في الصحة ، أو في المرض .

                                                                                                                                            وقال مالك والأوزاعي وابن أبي ليلى : إن أجازوه في الصحة لم يلزمهم ، وإن أجازوه في المرض لزمهم . استدلالا بأن التركة بين الموصي والورثة ، فإذا اجتمعوا فيها على عطية لم يكن عليهم فيها اعتراض ، كالمفلس مع غرمائه ، والمرتهن مع راهنه .

                                                                                                                                            وهذا فاسد من وجوه :

                                                                                                                                            أحدها : أن الإجازة إنما تصح ممن يملك ما أجاز ، وهو قبل الموت لا يملكه ، فلم تصح منه إجازته .

                                                                                                                                            والثاني : أنه يملك الإجازة من يملك الرد ، فلما لم يملك الرد في حال الحياة لم يملك الإجازة .

                                                                                                                                            والثالث : أن الإجازة إنما تصح من وارث ، وقد يجوز أن يصير هذا المجيز غير وارث ، فلم تصح منه الإجازة .

                                                                                                                                            والرابع : أن إجازته قبل الإرث كعفوه عن الشفعة قبل البيع ، وعن العيب قبل الشراء ، وذلك مما لا حكم له .

                                                                                                                                            وكذلك الإجازة قبل الموت ، وبذلك المعنى فارق الغرماء مع المفلس ، والمرتهن مع الراهن لاستحقاقهم لذلك في الحال .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية