الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو قال أعطوه كلبا من كلابي ، أعطاه الوارث أيها شاء " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : الوصية بالكلب المنتفع به جائزة ؛ لأنه لما جاز إحرازه في يد صاحبه ، وحرم انتزاعه من يد صاحبه ، جاز أن يكون وصية وميراثا .

                                                                                                                                            فإذا أوصى بكلب ولا كلاب له فالوصية باطلة ؛ لأنه لا يصح أن يشترى ، ولا يلزم أن يستوهب .

                                                                                                                                            وإن كان له كلاب فضربان : منتفع بها ، وغير منتفع بها .

                                                                                                                                            فإن كانت كلاب كلها غير منتفع بها فالوصية باطلة ، لحظر اقتنائه وتحريم إمساكه .

                                                                                                                                            وإن كانت كلها منتفعا بها ، فكان له كلب حرث وماشية وكلب صيد نظر .

                                                                                                                                            فإن كان الموصى له صاحب حرث ، وماشية ، وصيد ، فالوارث بالخيار في إعطائه أي كلب شاء من حرث ، أو ماشية أو صيد .

                                                                                                                                            وإن كان الموصى له ليس بصاحب حرث ، ولا ماشية ، ولا صيد ، ففي الوصية وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : الوصية باطلة ، اعتبارا بالموصى له ، وأنه غير منتفع به .

                                                                                                                                            والثاني : الوصية جائزة ، اعتبارا بالكلب ، وأنه منتفع به ، وأن الموصى له ربما أعطاه ما ينتفع به .

                                                                                                                                            وإن كان الموصى له ممن ينتفع بأحدها بأن كان صاحب حرث لا غير ، أو صاحب صيد لا غير ، فالوصية جائزة وفيها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يلزم الوراث أن يعطيه الكلب الذي يختص بالانتفاع به دون غيره ، اعتبارا بالموصى له .

                                                                                                                                            والثاني : أن للوارث الخيار في إعطائه أي الكلاب شاء ، اعتبارا بالموصى به .

                                                                                                                                            فأما الوصية بالجرو الصغير المعد للتعليم ، ففي جوازها وجهان من اختلاف الوجهين في اقتنائه :

                                                                                                                                            أحدهما : اقتنائه غير جائز ، والوصية به باطلة ؛ لأنه غير منتفع به في الحال .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن اقتنائه جائز ؛ لأنه سينتفع به في ثاني حال ، ولأن تعليمه منفعة في الحال .

                                                                                                                                            [ ص: 237 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية