الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإن لم يبلغ ثلاث رقاب وبلغ أقل رقبتين يجدهما ثمنا وفضل فضل جعل الرقبتين أكثر ثمنا حتى يعتق رقبتين ولا يفضل شيئا لا يبلغ قيمة رقبة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذه مسألة أغفل المزني صورتها ، ونقل جوابها ، وقد ذكرها الشافعي نصا في الأم .

                                                                                                                                            وصورتها في رجل قال أعتقوا بثلثي رقابا ، أو قال حرروا بثلثي رقابا .

                                                                                                                                            فهذا يشترى بثلثه رقاب يعتقون عنه ولا يصرف في المكاتبين ؛ لأن ذكر العتق والتحرر صرفه عنهم .

                                                                                                                                            وأقل ما يشترى به ثلاث رقاب إذا أمكنوا ، اعتبارا بأقل الجمع ، فإن اتسع للزيادة على الثلاث ، اشتري به ما بلغوا ، ولا يقتصر على الثلاث مع إمكان الزيادة ، بخلاف صرفه في المكاتبين حيث جاز الاختصار على الثلاثة مع إمكان الزيادة ؛ لأنه يجوز أن يعطى الواحد من المكاتبين قليلا أو كثيرا ، ولا يجوز في عتق الرقبة أن يزيد على ثمنها ولا ينقص منه .

                                                                                                                                            فإن لم يبلغ مال الوصية ثمن ثلاث رقاب ، صرفه في رقبتين ، فإن فضل من الرقبتين فضلة ، فإن كانت الفضلة لا يقدر بها على بعض ثالثة زادها في ثمن الرقبتين ، ليكون أكثرهما ثمنا ، فتكون أكثر ثوابا .

                                                                                                                                            وإن كان يقدر بالفضلة على بعض ثالثة ، ففيه وجهان ، حكاهما أبو إسحاق المروزي :

                                                                                                                                            [ ص: 242 ] أحدهما : أنه يشتري بالفضلة بعض ثالثة ؛ لأن ذلك أقرب إلى الثلاث الكاملة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني وهو الظاهر من كلام الشافعي : أنها تزاد في ثمن الرقبتين ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أفضل الرقاب فقال : أكثرها ثمنا ، وأنفسها عند أهلها .

                                                                                                                                            ولأن في تبعيض الرقبة في العتق إدخال ضرر على الرقبة ، وعلى مالك الرقبة فيها ، فكان رفع الضرر أولى .

                                                                                                                                            وأما إن اتسع الثلث لأكثر من ثلاثة رقاب ، فاستكثار العدد مع استرخاص الثمن أولى من إقلال العدد مع استكثار الثمن وجها واحدا ، لقوله صلى الله عليه وسلم : من أعتق رقبة ، أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار ، حتى الذكر بالذكر ، والفرج بالفرج .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية