الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو وجده رجلان فتشاحاه أقرعت بينهما ، فمن خرج سهمه دفعته إليه ، وإن كان الآخر خيرا له لم يكن مقصرا عما فيه مصلحته " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا اشترك نفسان في التقاط المنبوذ وهما من أهل الكفالة له لاستوائهما في الإسلام والحرية والأمانة ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يتنازعاه ويتشاحنا عليه ، فمذهب الشافعي وعليه جمهور أصحابه أن الحاكم يقرع بينهما لأنهما لما استويا ولم يمكن أن يشترك بينهما كانت القرعة بينهما ليتميز بها الأحق من غير تهمة .

                                                                                                                                            قال تعالى : وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم [ آل عمران : 144 ] الآية ، ثم يتعين حق من قرع منهما في كفالته ، فإن أراد رفع يده عنه كان له ، ولم يجبر على إمساكه ، ويتسلمه الحاكم منه وهل يصير شريكه أولى بكفالته من غيره أم لا ؟ على وجهين : أحدهما هو أولى به من غيره لاختصاصه بالتقاطه ، وإن تقدم الآخر بالقرعة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه قد بطلت كفالته لما قرعه صاحبه وصار غيره سواء فيجتهد الحاكم [ ص: 40 ] فيه رأيه ، فهذا حكم ما ذهب إليه الشافعي من الإقراع بينهما عند التنازع ، وسواء كان من خرج بالقرعة أنفع له إذا لم يكن الذي خرج قرعته مقصرا أو كانا سواء ، وقال أبو علي بن خيران : لا قرعة بينهما عند التنازع ، ولكن يجتهد الحاكم فيهما رأيه فأيهما رآه أحظ له كان أولى بكفالته ولهذا القول وجه ، وإن خالف نص الشافعي غير أن تساويهما يمنع من تغليب أحدهما إلا بالقرعة ، كالبينتين إذا تعارضتا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية