الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا قلنا : إن حكم البادية والمصر سواء فله أخذ الغنم وأكلها ، وليس يتعرض للإبل إلا أن يعرف مالكها ، وإذا قلنا : إن حكم المصر يخالف البادية للمعنى الذي ذكرنا ، فله أخذ الإبل والغنم جميعا ويكونان لقطة يلزم تعريفها حولا ، فإن تطوع الواجد بالإنفاق عليها لم يرجع بما ينفق ، وإن أبى أن يتطوع بها أتى الحاكم حتى يجتهد الحاكم رأيه في الأحظ لصاحبها في أحد ثلاثة أمور : إما أن يرى الاقتراض على صاحبها في الإنفاق عليها ، أو يرى بيعها لصاحبها ليكفي مؤنة النفقة عليها ، أو يرسلها في الحمى إن كان لضوال المسلمين حمى ، ثم يقوم الواجد على تعريفها ، إلا أن يدفعها إلى الإمام رافعا ليده عنها فيسقط عنه حكم [ ص: 27 ] تعريفها ، وإلا فما كان مقيما على التقاطها فتعريفها حولا واجب عليه ، فإن جاء صاحبها سلمت إليه إن كانت باقية بعد أن يدفع النفقة إن كان بأمر الحاكم ، وإن بيعت سلم إليه ثمنها دون القيمة إن باعها حاكم أو بأمره ، وإن كان الواجد هو البائع لها ، فلصاحبها قيمتها دون الثمن لفساد بيعه ، إلا أن يقدر على استئذان حاكم فيجوز بيعه ، وإن لم يأت صاحبها بعد الحول ، فهل لواجدها أن يتملكها ؟ على ثلاثة أوجه حكاهاابن أبي هريرة :

                                                                                                                                            أحدها : يجوز له أن يتملكها اعتبارا بحكم اللقطة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يجوز له أن يتملكها لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ضالة المؤمن حرق النار .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : إن كان قد أنفق عليها جاز له أن يتملكها ، وإن لم ينفق عليها لم يجز أن يتملكها ليكون ذلك أحث على الإنفاق وأرفق بالفريقين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية