الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أنه لا يتوارث أهل ملتين فقد اختلفوا في الكفر هل يكون كله ملة واحدة أو يكون مللا ؟ فمذهب الشافعي أن الكفر كله ملة واحدة وإن تنوع أهله ، وبه قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو مذهب أبي حنيفة وصاحبه .

                                                                                                                                            وقال مالك : الكفر ملل ، فاليهودية ملة ، والنصرانية ملة ، والمجوسية ملة ، وبه قال من الصحابة علي بن أبي طالب عليه السلام ، ومن التابعين الحسن البصري وشريح ، ومن الفقهاء الزهري والثوري والنخعي استدلالا بما أخبر الله تعالى من التقاطع [ ص: 80 ] بينهم حيث يقول في حكايته عنهم : وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء [ البقرة : 113 ] وتقاطعهم يمنع من توارثهم ، ولأن اختلاف شرائعهم يوجب اختلاف مللهم ، ولأن ما بينهم من التباين كالذي بين المسلمين وبينهم من التباين فاقتضى أن تكون مللهم مختلفة .

                                                                                                                                            ودليلنا قوله تعالى : والذين كفروا بعضهم أولياء بعض [ الأنفال : 73 ] وقال الله تعالى : ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم [ البقرة : 120 ] فجمعهما ، وروى عمرو بن مرة عن أبي البختري الطائي عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الناس خير وأنا وأصحابي خير ولأنهم مشتركون في الكفر وإن تنوعوا كما أن المسلمين مشتركون في الحق وإن تنوعوا ، وليس التباين بينهم بمانع من توارثهم كما يتباين أهل الإسلام في مذاهبهم ولا يوجب ذلك اختلاف توارثهم : لأن الأصل إسلام أو كفر لا ثالث لهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية