الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال المزني - رحمه الله تعالى - : " وسمعته يقول اللقيط حر : لأن أصل الآدميين الحرية إلا من ثبتت عليه العبودية ولا ولاء عليه كما لا أب له ، فإن مات فميراثه لجماعة المسلمين ( قال المزني ) هذا كله يوجب أنه حر ( قال المزني ) رحمه الله وقوله : المعروف أنه لا يحد القاذف إلا أن تقوم بينة للمقذوف أنه حر لأن الحدود تدرأ بالشبهات " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال لا ولاء على اللقيط لملتقطه ولا لغيره من المسلمين ما لم يثبت عليه رق . وقال أبو حنيفة : الولاء ثابت عليه لملتقطه دون غيره إذا حكم له الإمام بولاية . وقال مالك : ولاؤه ثابت لجماعة المسلمين . واستدل من أثبت عليه الولاء بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : يجوز للمرأة ثلاثة مواريث : ميراث عتيقها ، وميراث لقيطها ، وميراث ولدها الذي لاعنت عليه ، وبما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال لرجل التقط منبوذا : لك ولاؤه وعلينا نفقته . قال : ولأنه منعم فجاز أن يستحق الولاء كالمعتق . ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : إنما الولاء لمن أعتق ، فانتفى الولاء بذلك عمن لم يعتق ، ولأن من لم يثبت عليه رق لم يستأنف عليه ولاء كالحر الأصلي ، ولأن ما استحق بالرق انتفى عن غير الرق كالملك ، ولأن من جرى عليه حكم الحرية في أصله جرى عليه حكم الحرية في فرعه ، كالمعروف بالحرية طردا وبالعبودية حكما .

                                                                                                                                            فأما الجواب عن الخبر إن صح فحمله على أحد وجهين : إما على ميراثه إذا ادعته ولدا ، أو على ميراثه إذا ادعته عبدا . وأما قول عمر - رضوان الله عليه - : لك ولاؤه وعلينا نفقته . فيحمل على الكفالة والولاية دون الولاء ، وأما الجواب عن قولهم : إنه منعم . فمنتقض بمن استنقذ غريقا أو أجار مظلوما أو منح فقيرا ، فإذا ثبت هذا فميراثه في بيت المال كالحر الذي لا وارث له .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية