الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فلو مات مسلم وترك ابنا مسلما وابنا نصرانيا أسلم ، فإن كان إسلام النصراني قبل موت أبيه ولو بطرفة عين كان الميراث بينهما ، وهذا إجماع ، وإن كان إسلامه بعد موت أبيه ولو بطرفة عين لم يرثه ، وهكذا لو ترك المسلم الحر ابنين أحدهما حر والآخر عبد أعتق ، فإن كان عتقه قبل موت أبيه ورثه ، وإن كان بعده لم يرثه ، وبه قال من الصحابة : أبو بكر وعلي وزيد وابن مسعود - رضي الله عنهم - ومن الفقهاء : أبو حنيفة ومالك وأكثر الفقهاء ، وحكي عن الحسن البصري وقتادة ومكحول أنهم ورثوا من أسلم أو أعتق على ميراث قبل أن يقسم ، وروي ذلك عن عمر وعثمان - رضي الله عنهما - وحكي عن إياس وعكرمة وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه أنهم ورثوا من أسلم قبل القسمة ولم يورثوا من أعتق قبل القسمة استدلالا بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من أسلم على شيء فهو له وروى أبو الشعثاء عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم له ، وكل قسم أدركه الإسلام فإنه على قسم الإسلام ، ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا يتوارث أهل ملتين ولأن الميراث ينتقل بالمورث إلى ملك الوارث لا بالقسمة ، ولأن تأخير القسمة لا يوجب توريث من ليس بوارث ، كما أن تقديمها لا يوجب سقوط من هو وارث ، ولأنه إن ولد للميت إخوة قبل قسمة تركته لا يرثوه ، فهذا كما لو أسلموا لم يرثوه .

                                                                                                                                            فأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : من أسلم على شيء فهو له ففيه تأويلان :

                                                                                                                                            أحدهما : من أسلم وله مال فهو له لا يزول عنه بإسلامه .

                                                                                                                                            والثاني : من أسلم قبل موت مورثه رغبة في الميراث فهو له ، وأما حديث ابن عباس فمعناه أن المشركين إذا ورثوا ميتهم ثم اقتسموه في جاهليتهم كان على جاهليتهم ، ولو أسلموا قبل قسمته اقتسموه على قسمة الإسلام ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية