الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والضرب الثاني أن يكون لهما عند التنازع فيه بينة تشهد على ولادته بأربع نسوة عدول ، فإن كانت البينة لإحداهما دون الأخرى حكم به لذات البينة ولحق بزوجها إلا أن ينفيه باللعان ، وإن أقامت كل واحدة منهما بينة على ولادته قال أبو حنيفة : ألحقته بهما بالبينة وأجعله ابنا لكل واحدة منهما ولزوجها ، وأجعل كل واحدة منهما وزوجها أما له وأبا ، قال : وإنما قلت ذلك لأن الضرورة عند امتناع الممتنعين إذا لم يترجح أحدهما يوجب الحكم بهما ، كاللعان قد امتنع به صدقهما ، ثم حكم به بينهما ، وكاختلاف المتبايعين إذا تحالفا عليه ، وقد أوجب فسخ العقد بينهما ، وإن علم بالضرورة أنه لإحداهما ، فهذا القول مع خطئه مستحيل ومع استحالته شنيع واستحالة لحوقه بالاثنين أعظم من استحالة لحوقه بالأبوين : لأنه لا يمنع ماء الرجلين في رحم واحد ويمتنع خروق الولد الواحد في رحمين ، وقد قال الله تعالى : إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم [ المجادلة : 2 ] أخبر أن أمه هي التي تلده ، فإن لحق الولد بهما اقتضى ذلك ولادتها ، وفي القول بهذا من الاستحالة ما تدفعه بذاته العقول ويمنع منه الحسن الفطن ولا يحتاج مع الملاحظة إلى دليل ، ولا مع التصور إلى تعليل ، وحسب ما هذه حالة اطرادا واستقباحا ، لا سيما مع ما يقضي هذا القول إما مذهبا وإما إلزاما إلى أن يصير الولد الواحد ملحقا بنساء القبيلة ورجالها ، ثم بنساء المدينة ورجالها ، ثم بنساء الدنيا ورجالها ، ونعوذ بالله من قول هذه نتيجته ومذهب هذه قاعدته ، فأما اللعان فما حكمنا فيه بصدقها مستحيل ، وإنما علقنا عليه حكما قد أسماه الصادق منهما اقتضى ذلك نفيه من أحدهما ، وأما التحالف في اختلاف المتبايعين فإنما أوجب إبطال ما اختلفا فيه دون إثباته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية