الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والضرب الثاني ما لا يدفع عن نفسه ويعجز عن الوصول إلى الماء والرعي ، كالغنم والدجاج ، فلو أخذه فأكله في الحال من غير تعريف غنيا كان أو فقيرا ، فعليه غرمه لمالكه إن وجده ، وبه قال أبو حنيفة . وقال مالك وداود : هو غير مضمون ، ويأكله أكل إباحة ولا غرم عليه في استهلاكه : استدلالا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : هي لك أو لأخيك أو للذئب ، ومعلوم أن ما استهلكه الذئب هدر لا يضمن ، وإنما أراد بيان حكم الأخذ في سقوط الضمان ، ولأن ما استباح أخذه من غير ضرورة إذا لم يلزمه تعريفه لم يلزمه غرمه كالدراهم ، ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ، ولأنها لقطة يلزمه ردها مع بقائها ، فوجب أن يلزمه غرمها عند استهلاكها قياسا على اللقطة في الأموال ولأنها ضالة ، فوجب أن تضمن بالاستهلاك كالإبل ، فأما الجواب عن قوله - صلى الله عليه وسلم - : هي لك أو لأخيك أو للذئب فهو أنه نبه بذلك على إباحة الأخذ وجواز الأكل دون الغرم ، وأما الركاز فلأنه لا يلزم رده فلذلك سقط غرمه ، وليس كذلك الشاة : لأن ردها واجب فصار غرمها واجبا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية