الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
755 - " إذا عطس أحدكم؛ فحمد الله؛ فشمتوه؛ وإذا لم يحمد الله؛ فلا تشمتوه " ؛ (حم خد م)؛ عن أبي موسى ؛ (صح).

[ ص: 403 ]

التالي السابق


[ ص: 403 ] (إذا عطس أحدكم) ؛ بفتح الطاء؛ (فحمد الله) ؛ وأسمع من بقربه؛ حيث لا مانع؛ وذلك شكرا لله على نعمته بالعطاس؛ لأنه بخرات الرأس؛ الذي هو معدن الحس؛ وهو الفكر؛ وبسلامته تسلم الأعضاء؛ فهو جدير بأن يشكر عليه؛ (فشمتوه) ؛ بشين معجمة؛ من " الشوامت" ؛ وهي القوائم؛ هذا هو الأشهر؛ والذي عليه الأكثر؛ وروي بمهملة؛ من " السمت" ؛ وهو قصد الشيء؛ وصفته؛ أي: ادعوا الله بأن يرد شوامته؛ أي: قوائمه؛ أو سمته على حاله؛ لأن العطاس يحل مرابط البدن؛ ويفصل معاقده؛ فمعنى " رحمك الله" : أعطاك رحمة ترجع بها إلى حالك الأول؛ أو يرجع بها كل عضو إلى سمته؛ والأمر للندب؛ عند الجمهور؛ وقال ابن دقيق العيد: ظاهر الخبر الوجوب؛ ومال إليه وأيده ابن القيم؛ وعليه فقيل: هو عيني؛ وقيل: كفاية؛ (وإذا لم يحمد الله فلا تشمتوه) ؛ فيكره تنزيها؛ لأن غير الشاكر لا يستحق الدعاء؛ ويسن لمن عنده ذكر الحمد؛ ليحمده؛ وقال النووي : وأخطأ ابن العربي في قوله: لا يفعله؛ قال النووي : وأقل الحمد والتشميت أن يسمع صاحبه؛ وأخذ منه أنه لو أتى بلفظ غير الحمد لا يشمت.

(تنبيه): اعتيد في بعض الأقطار أنه إذا عطس كبير وحمد؛ لا يشمت؛ إعظاما له؛ وقد صرح جمع بأن من قال لمن شمت كبيرا: " يرحمك الله" ؛ لا تقل له ذلك؛ قاصدا أنه غني عن الرحمة؛ أو أجل من أن يقال له ذلك؛ كفر؛ قال ابن صورة؛ في المرشد: وليكن التشميت بلفظ الخطاب؛ لأنه الوارد؛ وقال في شرح الإلمام: المتأخرون إذا خاطبوا من يعظمونه قالوا: " يرحم الله سيدنا" - من غير خطاب -؛ وهو خلاف ما دل عليه الأمر في الحديث؛ وبلغني عن بعض علماء زماننا أنه قيل له ذلك؛ فقال: قل: " يرحمك الله يا سيدنا" ؛ كأنه قصد الجمع بين لفظ الخطاب؛ وما اعتادوه من التعظيم.

(حم خد م؛ عن أبي موسى) ؛ الأشعري ؛ ورواه عنه أيضا الطبراني .



الخدمات العلمية