الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
514 - " إذا تبايعتم بالعينة؛ وأخذتم أذناب البقر؛ ورضيتم بالزرع؛ وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلا؛ لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " ؛ (د)؛ عن ابن عمر ؛ (ح).

التالي السابق


(إذا تبايعتم بالعينة) ؛ بكسر العين المهملة؛ وسكون المثناة تحت؛ ونون؛ وهو أن يبيع سلعة بثمن معلوم؛ لأجل؛ ثم [ ص: 314 ] يشتريها منه بأقل؛ ليبقى الكثير في ذمته؛ وهي مكروهة عند الشافعية؛ والبيع صحيح؛ وحرمها غيرهم؛ تمسكا بظاهر الخبر؛ سميت " عينة" ؛ لحصول العين؛ أي: النقد؛ فيها؛ (وأخذتم أذناب البقر) ؛ كناية عن الاشتغال عن الجهاد بالحرث؛ (ورضيتم بالزرع) ؛ أي: بكونه همتكم؛ ونهمتكم؛ (وتركتم الجهاد) ؛ أي: غزو أعداء الرحمن؛ ومصارعة الهوى والشيطان؛ (سلط الله) ؛ أي: أرسل بقهره وقوته؛ (عليكم ذلا) ؛ بضم الذال المعمجة؛ وكسرها؛ ضعفا؛ واستهانة؛ (لا ينزعه) ؛ لا يزيله ويكشفه عنكم؛ (حتى ترجعوا إلى دينكم) ؛ أي: الاشتغال بأمور دينكم؛ وأظهر ذلك في هذا القالب البديع لمزيد الزجر والتقريع؛ حيث جعل ذلك بمنزلة الردة والخروج عن الدين؛ وهذا دليل قوي لمن حرم العينة؛ ولذلك اختاره بعض الشافعية؛ وقال: أوصانا الشافعي باتباع الحديث؛ إذا صح بخلاف مذهبه.

(د هـ) ؛ في البيوع؛ (عن ابن عمر) ؛ ابن الخطاب ؛ قال: " أتى علينا زمان وما يرى أحدنا أنه أحق بالدينار والدرهم من أخيه المسلم؛ ثم أصبح الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه؛ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:.." ؛ فذكره؛ رمز المؤلف لحسنه؛ وفيه أبو عبد الرحمن الخراساني؛ واسمه إسحاق؛ عد في الميزان من مناكيره؛ خبر أبو داود هذا؛ ورواه عن ابن عمر باللفظ المزبور أحمد ؛ والبزار ؛ وأبو يعلى ؛ قال ابن حجر: وسنده ضعيف؛ وله عند أحمد إسناد آخر أمثل من هذا. أهـ.

وبه يعرف أن اقتصار المصنف على عزوه لأبي داود من سوء التصرف؛ فإنه من طريق أحمد أمثل؛ كما تقرر عن خاتمة الحفاظ؛ وكان الصواب جمع طرقه؛ فإنها كثيرة؛ عقد لها البيهقي بابا؛ وبين عللها.



الخدمات العلمية