الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
231 - " احترسوا من الناس بسوء الظن " ؛ (طس عد) عن أنس ؛ (ض).

التالي السابق


(احترسوا من الناس) ؛ أي: من شرارهم؛ (بسوء الظن) ؛ أي: تحفظوا منهم؛ تحفظ من أساء الظن بهم؛ كذا قاله مطرف التابعي الكبير؛ وقيل: أراد: لا تثقوا بكل أحد؛ فإنه أسلم لكم؛ ويدل عليه خبر ابن عساكر ؛ عن ابن عباس - رضي الله (تعالى) عنهما - مرفوعا: " من حسن ظنه بالناس؛ كثرت ندامته" ؛ وقال معاوية لعبيد بن شبرمة؛ وقد أتت عليه مائتا سنة: ما شاهدت؟ قال: أدركت الناس وهم يقولون: ذهب الناس؛ وقيل: ما بقي من الناس إلا كلب نابح؛ أو حمار رامح؛ فاحذروهما؛ وقال بعضهم: لو أن الدنيا ملئت سباعا وحيات؛ ما خفتها؛ فلو بقي إنسان واحد لخفته؛ ومن أمثالهم: " رب زائر يراوحك ويغاديك؛ وهو ممن يكادحك ويعاديك" ؛ وما أحسن قول الصولي :


لو قيل لي خذ أمانا ... من أعظم الحدثان

لما أخذت أمانا
... إلا من الخلان



ولا يعارض هذا خبر: " إياكم وسوء الظن" ؛ لأنه فيمن تحقق حسن سريرته؛ وأمانته؛ والأول فيمن ظهر منه الخداع والمكر؛ وخلف الوعد؛ والخيانة؛ والقرينة تغلب أحد الطرفين؛ فمن ظهرت عليه قرينة سوء يستعمل معه سوء الظن؛ [ ص: 182 ] وخلافه خلافه؛ وفي إشعاره تحذير من التغفل؛ وإشارة إلى استعمال الفطنة؛ فإن كل إنسان لا بد له من عدو؛ بل أعداء؛ يأخذ حذره منهم؛ قال بعض العارفين: هذه حالة كل موجود؛ لا بد له من عدو؛ وصديق؛ بل هذه حالة سارية في الحق؛ والخلق؛ قال الله (تعالى): يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ؛ فهم عبيده؛ وهم أعداؤه؛ فكيف حال العبيد بعضهم مع بعض؛ بما فيهم من التنافس والتباغض والتحاسد والتحاقد؟!

(طس عد) ؛ وكذا العسكري في الأمثال؛ كلهم (عن أنس ) ؛ قال الهيتمي: تفرد به بقية بن الوليد؛ وهو مدلس؛ وبقية رجاله ثقات؛ انتهى؛ وقال المؤلف؛ في الكبير: حسن؛ وهو ممنوع؛ فقد قال ابن حجر؛ في الفتح: خرجه الطبراني في الأوسط؛ من طريق أنس ؛ وهو من رواية بقية؛ بالعنعنة؛ عن معاوية بن يحيى؛ وهو ضعيف؛ فله علتان؛ التابعي؛ وصح منه قول مطرف : أخرجه مسدد .



الخدمات العلمية