الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2484 ص: وأما ما روينا عن ابن عمر - رضي الله عنهما - فإن حديث حيان هو على أنه سأله وهو في مصر من الأمصار فقال له: "إني من بعث أهل العراق فكيف أصلي؟ فأجابه ابن عمر - رضي الله عنهما - فقال: فإن صليت أربعا فأنت في مصر، وإن صليت اثنتين فأنت مسافر".

                                                فذلك أن مذهبه كان في صلاة المسافر في الأمصار هكذا، وقد روى عنه صفوان بن محرز حين سأله عن الصلاة في السفر، فكان جوابه له أن قال: "هي ركعتان، من خالف السنة فقد كفر".

                                                [ ص: 405 ] فذلك على الصلاة في غير الأمصار حتى لا يتضاد ذلك وما روى حيان، فيكون حديث حيان على صلاة المسافر في الأمصار وحديث صفوان على صلاته في غير الأمصار وسنبين الحجة في هذا الباب في آخره إن شاء الله تعالى.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا عطف على قوله: "وأما ما رويناه عن حذيفة - رضي الله عنه -" وأراد بذلك الجواب عما رواه حيان بن إياس البارقي المذكور فيما مضى.

                                                تقريره: أن يقال: إن حيان البارقي إنما سأل عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - والحال أنه كان في مصر من الأمصار فقال له: "كيف أصلي وأنا من جيش أهل العراق؟ فقال له عبد الله بن عمر : إن صليت أربع ركعات فأنت في مصر، وإن صليت ركعتين فأنت مسافر".

                                                وإنما قال ذلك لأن مذهب ابن عمر أن المسافر إنما كان له أن يقصر ما دام في السفر، فإذا دخل مصرا من الأمصار فلا يقصر وإن كان هو على سفره، وإليه ذهب جماعة أيضا من السلف كالحسن البصري وقتادة وطاوس ، فإذا كان الأمر كذلك لم يكن في هذا حجة لمن يرى الإتمام في السفر.

                                                قوله: "وقد روى عنه صفوان بن محرز . . . " إلى آخره، إشارة إلى وجه التوفيق بين رواية حيان البارقي ورواية صفوان بن محرز لأن بينهما تضادا من حيث الظاهر ; وذلك لأن حديث حيان يدل على أنه يتم في مصر ويقصر في سفر، وحديث صفوان مطلق يدل على أن المسافر يقصر سواء كان في مصر أو سفر.

                                                ووجه التوفيق: أن حديث صفوان محمول على الصلاة في غير الأمصار ; لأنه سأله عن الصلاة في السفر فكان جوابه له: "هي ركعتان، من خالف السنة فقد كفر" وحديث حيان البارقي محمول على صلاة المسافر وهو في مصر من الأمصار، فكان جوابه له: "إن صليت أربعا فأنت في مصر، وإن صليت ركعتين فأنت مسافر"، فافهم.




                                                الخدمات العلمية