الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                998 ص: حدثنا روح بن الفرج ، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال: ثنا موسى بن ربيعة ، عن الوليد بن أبي الوليد ، عن عبد الرحمن بن أفلح : "أن نفرا من أصحابه أرسلوه إلى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يسأله عن الصلاة الوسطى ، فقال: اقرأ عليهم السلام وأخبرهم: أنا كنا نتحدث أنها التي في إثر الضحى، قال: فردوني إليه الثانية، فقلت: يقرءون عليك السلام ويقولون لك: بين لنا أي صلاة هي؟ فقال: اقرأ عليهم السلام وأخبرهم: أنا كنا نتحدث أنها الصلاة التي وجه فيها رسول الله -عليه السلام- الكعبة . قال: وقد عرفناها، هي الظهر" .

                                                [ ص: 272 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 272 ] ش: تقرير السؤال: إن ما ذكرتم من قولكم: إن دخول المأموم في صلاة الإمام يوجب فرضا على المأموم لم يكن عليه قبل دخوله ولا يسقط عنه فرض كان عليه قبل دخوله، ومثلتم بالمقيم والمسافر ; ينتقض بالعبد الذي لا جمعة عليه، فإنه إذا دخل في الجمعة تجزئه من الظهر وتسقط عنه الفرض الذي قد كان عليه قبل دخوله مع الإمام في الجمعة.

                                                وتقرير الجواب أن يقال: هذا الذي ذكرتم لا ينقض ما قلنا، بل يؤيده ويقويه، وذلك أن العبد لم يكن عليه جمعة قبل دخوله مع الإمام فيها، ولكنه لما دخل فيها وجبت عليه لوجوبها على إمامه كالمسافر الذي دخل في الجمعة وجبت عليه لوجوبها على إمامه، فصارت الجمعة بدلا من ظهرهما مجزئة عنهما من الظهر ; لأن الجمعة صارت بدلا من الظهر بالشروع في صلاة من كانت تجب عليه من الأول، فثبت من ذلك أن دخول الرجل في صلاة غيره قد يوجب عليه ما لم يكن واجبا عليه قبل دخوله ولا يسقط عنه ما كان واجبا عليه قبل ذلك كما قد بيناه، فإذا كان الأمر كذلك ثبت أن الصحيح الذي يجب عليه القيام في الصلاة إذا دخل في صلاة المريض الذي قد سقط عنه القيام لم يسقط عنه القيام الذي كان واجبا عليه قبل دخوله.

                                                قوله: "ويخرج عنه فرض قد كان عليه" وفي بعض النسخ "ويسقط عنه فرض" وهو الصحيح.

                                                قوله: "إذ وجب عليه" أي حين وجب عليه.

                                                قوله: "أن الصحيح" بفتح "أن" ; لأنه فاعل لقوله: "فثبت"، وقوله: "القيام" مبتدأ وخبره قوله: "واجب عليه" والجملة صلة للموصول.

                                                قوله: "قد سقط عنه فرض القيام" جملة وقعت صفة لقوله: "مع مريض"

                                                وقوله: "لم يسقط عنه بدخوله في القيام" في محل الرفع ; لأنها خبر "أن".

                                                وقوله: "ما كان واجبا عليه" فاعل لقوله: "لم يسقط"

                                                [ ص: 273 ] قوله: "وهذا" أي الذي ذكرناه من صحة اقتداء القائم بالقاعد وعدم سقوط القيام عن القادر على القيام هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف على ما مر مستوفى.




                                                الخدمات العلمية