الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          " ويحرم صيد المدينة "

                                                                                                                          المدينة : علم على مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو علم بالغلبة لا بالوضع ، ولا يجوز نزع الألف واللام منها ، إلا في نداء أو إضافة ، وجمعها [ ص: 184 ] مدن ومدن ومدائن ، بهمز ودونه . وسئل أبو علي الفسوي عن همزه ، فقال : من جعلها فعلية من قولهم : مدن بالمكان : إذا أقام ، همزه ، ومن جعلها مفعلة من دين ، إذا ملك ، لم يهمزه ، كما لم يهمز معايش ، ولها أسماء منها : طيبة ، وطابة ، ويثرب ، وتقدم ذلك في الاعتكاف .

                                                                                                                          " للرحل والعارضة والقائمة "

                                                                                                                          قال الجوهري : الرحل : رحل البعير ، وهو أصغر من القتب ، والعارضة : ما يسقف به المحمل . قال ابن سيده : العارضة : المحمل ، وعوارض البيت خشب سقفه المعروضة ، وعارضة الباب : مساك العضادتين من فوق ، محاذية للأسكفة . " والقائمة " : إحدى قائمتي الرحل ، اللتين في مقدمته ومؤخره ، عن أبي السعادات .

                                                                                                                          " ومن حشيشها للعلف "

                                                                                                                          العلف بفتح اللام ، ما يأكله البهائم ، يقال : علف الدابة ، وأعلفها .

                                                                                                                          " ما بين ثور إلى عير "

                                                                                                                          أما عير فهو جبل معروف بالمدينة مشهور ، مع أنه قد أنكره بعضهم ، قال مصعب الزبيري : ليس بالمدينة عير ولا ثور وأما ثور ، فهو جبل بمكة معروف ، فيه الغار الذي توارى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الكفار ومعه أبو بكر - رضي الله عنه - وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " المدينة حرم ما بين عير إلى ثور " قال القاضي عياض : أكثر الرواة [ ص: 185 ] في البخاري ذكروا عيرا ، فأما ثور ، فمنهم من كنى عنه بكذا ، ومنهم من ترك مكانه بياضا ؛ لأنهم اعتقدوا ذكر ثور خطأ ، وقال أبو عبيد : أصل الحديث : " من عير إلى أحد " ، وكذا قال الحازمي وجماعته ، وقيل : الرواية صحيحة ، والتقدير : حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة ، أو حرم المدينة تحريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة ، على حذف المضاف ، ووصف المصدر المحذوف ، وهذا كله لأنهم لا يعرفون بالمدينة ثورا ، وقد أخبرنا الإمام العلامة ذو الفنون عفيف الدين أبو طاهر عبد السلام بن محمد بن مزروع البصري قال : صحبت طائفة من العرب من بني هاشم ، وكنت إذا صحبت العرب أسألهم عما أراه من جبل أو واد وغير ذلك ، فمررنا بجبل خلف أحد ، فقلت : ما يقال لهذا الجبل ؛ فقالوا : هذا جبل ثور ، فقلت : ما تقولون ؛ فقالوا : هذا ثور ، معروف من زمن آبائنا وأجدادنا ، فنزلت وصليت عنده ركعتين . والله أعلم .

                                                                                                                          [ ص: 186 ] وقد جاء في الحديث : " اللهم إني أحرم ما بين جبليها " وفي بعض الروايات ما بين لابتيها ، [ فما بين لابتيها ] بيان لحد حرمتها من جهتي المشرق والمغرب ، وما بين جبليها بيان لحده من جهتي الجنوب والشمال . والله أعلم .

                                                                                                                          " اثني عشر ميلا حمى "

                                                                                                                          تقدم قدر الميل في قصر الصلاة ، وأما الحمى ، فقال صاحب المطالع : الحمى المكان الممنوع من الرعي ، وحميت المكان وأحميته إذا منعته من الرعي ، حكاهما شيخنا أبو عبد الله بن مالك في فعل وأفعل . والله أعلم .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية