الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
7282 - لعن الله من لعن والديه ، ولعن الله من ذبح لغير الله ، ولعن الله من آوى محدثا ، ولعن الله من غير منار الأرض (حم م ن) عن علي. (صح)

التالي السابق


(لعن الله من لعن والديه) أباه وأمه وإن عليا ، قيل: هذا من باب التسبب ، فإن كل من لعن أبوي إنسان فهو يلعن أيضا أبوي اللاعن ، فكأن البادئ بنفسه يلعن أبويه ، هكذا فسره المصطفى صلى الله عليه وسلم في خبر سب الرجل والديه ، ولعل وجه تفسيره بذلك استبعاده أن يسب الرجل والديه بالمباشرة ، فإن وقع سبهما يكون واقعا بالتسبب ، فإذا استحق من تسبب لسبهما اللعنة ، فكيف حال المباشر (ولعن الله من ذبح) وفي رواية لمسلم بدله: من أهل ، وهو بمعناه (لغير الله) بأن يذبح باسم غير الله ، كصنم أو صليب ، بل أو لموسى أو عيسى أو الكعبة ، فكله حرام ولا تحل ذبيحته ، بل إن قصد به تعظيم المذبوح له وعبادته كفر ، قال ابن العربي: وفيه أن آكد ما في الأضحية إخلاص النية لله العظيم بها (ولعن الله من آوى) أي ضم إليه وحمى (محدثا) بكسر الدال: أي جانيا ، بأن يحول بينه وبين خصمه ويمنعه القود ، وبفتحها: وهو الأمر المبتدع ، ومعنى الإيواء: التقرير عليه والرضى به ، والمراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه (ولعن الله من غير) وفي رواية لمسلم أيضا: من زحزح (منار الأرض) بفتح الميم: علامات حدودها ، جمع منارة ، وهي العلامة التي تجعل بين حدين للجارين ، وتغييرها أن يدخلها في أرضه ، فيكون في معنى الغاصب ، وفي منار الحرم ، وهي أعلامه التي ضربها إبراهيم على أقطاره ، وقيل لملك من ملوك اليمن ذو المنار ، لأنه أول من ضرب النار على الطريق ليهتدي به إذا رجع ، أفاده كله الزمخشري. وقال غيره: أراد به من غير أعلام الطريق ليتعب الناس بإضلالهم ومنعهم عن الجادة ، والمنار: العلم ، والحد بين الأرضين ، وأصله من الظهور

(حم م ن عن علي) أمير المؤمنين ، وسببه - كما في مسلم - أن رجلا قال لعلي: ما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يسر إليك ؟ فغضب وقال: ما كان يسر إلي شيئا يكتمه عن الناس ، غير أنه حدثني بكلمات أربع ، قال: وما هن يا أمير المؤمنين ؟ فذكره ، وفي بعض طرقه عن هانئ مولى علي ، أن عليا رضي الله تعالى عنه قال: ماذا [ ص: 276 ] يقول الناس ؟ قال: يدعون أن عندك علما من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تظهره ، فاستخرج صحيفة من سيفه فيها: هذا ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ، قال الذهبي: خرجه الحاكم .



الخدمات العلمية