الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
7718 - ليكف الرجل منكم كزاد الراكب (هـ حب) عن سلمان . (صح)

التالي السابق


(ليكف الرجل منكم) من الدنيا (كزاد الراكب) يعني ليكفك من الدنيا ما يبلغك إلى الآخرة ، فالمؤمن يتزود منها ، والفاجر يستمتع فيها ، والأصل أن من امتلأ قلبه بالإيمان استغنى عن كثير من مؤن دنياه ، واحتمل المشاق في تكثير مؤن أخراه ، وفيه تنبيه على أن الإنسان مسافر لا قرار له ، فيحمل ما يبلغه المنزلة بين يديه مرحلة مرحلة ، ويقتصر عليه ، وفي بعض الكتب المنزلة: ابن آدم ، خذ من الدنيا ما شئت وخذ من الهم أضعافه

[تنبيه] كان بعض العارفين إذا انقضى فصل الشتاء أو الصيف يتصرف في الثياب الذي يلبسها في ذلك الفصل ولا يدخرها إلى الفصل الآخر ، وهو مقام عيسوي ، فإن المسيح عليه السلام لم تكن له ثياب تطوى زيادة على ما عليه من جبة صوف أو قطن ، وكانت مخدته ذراعيه ، وقصعته بطنه ، ووضع لبنة على لبنة من طين تحت رأسه ، فقال له إبليس: قد رغبت يا عيسى في الدنيا بعد ذلك الزهد ، فرمى بهما واستغفر وتاب ، وكان أبو حذيفة يقول: أحب الأيام إلي يوم يأتيني الخادم فيقول: ما في بيتنا اليوم شيء نأكله. هذا تأكيد شديد في الترغيب في الزهد ، قال العلائي : والباعث عليه قصر الأمل ، ولهذا أشار إليه بقوله "كزاد الراكب" تشبيها للإنسان في الدنيا بحال المسافر

(هـ حب عن سلمان) الفارسي، ورواه عنه الحاكم بنحوه ، وذكر بيان السبب ، وهو أن سعدا قدم على سلمان يعوده فبكى ، فقال سعد : ما يبكيك ؟ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض ، وترد عليه الحوض وتلقى أصحابك ، فقال: ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا: لتكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب ، وحولي هذه الأساود ، أي الشخوص. قال: وإنما حوله إجانة وجفنة ومطهرة ، فقال سعد : أعهد إلينا ؟ فقال: يا سعد ، اذكر الله عند همك إذا هممت ، وعند يدك إذا قسمت ، وعند حكمك إذا حكمت ، رواه الحاكم بطوله وقال: صحيح ، قال المنذري : كذا قال.



الخدمات العلمية