الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
7575 - ليس الخبر كالمعاينة: إن الله تعالى أخبر موسى بما صنع قومه في العجل فلم يلق الألواح ، فلما عاين ما صنعوا ألقى الألواح فانكسرت (حم طس ك) عن ابن عباس . (صح)

التالي السابق


(ليس الخبر كالمعاينة) وشاهد ذلك (أن الله تعالى أخبر موسى بما صنع قومه في العجل فلم يلق الألواح ، فلما عاين ما صنعوا) من عبادته (ألقى الألواح فانكسرت) فأفاد هذا أنه ليس حال الإنسان عند معاينة الشيء كحاله عند الخبر عنه في السكون والحركة ، لأن الإنسان لعله يسكن إلى ما يرى أكثر من الخبر عنه وإن كان صادقا عنده ، وكان خبر الله عند موسى ثابتا ، وخبره كلامه ، وكلامه صفته ، فعرف فتنة قومه بصفة الله تعالى ، وصفة البشرية ما تظهر عند صفة الله تعالى ، فلما لم تظهر لعجز البشرية وضعف الإنسانية تمسك موسى بما بيده ولم يلقه ، فلما عاين قومه عاكفين على العجل عابدين له ، عاتبهم بصفة نفسه التي هي نظره ببصره ورؤيته بعينه ، وصفته عجز البشرية وضعف الإنسانية ونقص الخلقة ، فلم يطق بصفته أن يمسك ما في يده مع اضطرابها وتلفها ، فلما وقف على عبادتهم العجل لم يتمالك أن طرح الألواح وأخذ برأس أخيه ، ألا تراه لما سكن رجع إلى الله مستغفرا له ولأخيه ؟ والمصطفى صلى الله عليه وسلم ثبت ليلة الإسراء عند قاب قوسين أو أدنى ، وأخبر بتجلي أوصاف الحق سبحانه له بقوله: وضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها ، ولم يثبت موسى عند تجلي ربه للجبل حتى خر صعقا ، لأن نبينا صلى الله عليه وسلم كان قائما بأوصاف الحق ، وأوصافه التي هي عجز البشرية فانية منه خافية ساقطة عنه ، ليس لها أثر في وقته ، وموسى كان ناظرا بصفة الإنسانية إلى الجبل ، ألا تراه قيل له: انظر إلى الجبل فنظر بصفته لكونه مكلفا ، والمصطفى صلى الله عليه وسلم كان مفعولا به بدليل سبحان الذي أسرى بعبده ليلا [فائدة] قال ابن دريد عن أبي حاتم : إن أبا مليك أحد فرسان بني يربوع ، لما قتل بنو بكر ابنيه وأخبر بذلك فلم يشك ، ولم يظهر عليه جزع بالكلية ، فلما رآهما بعينه ألقى نفسه عليهما ، وقد أيقن قبل ذلك أنهما قتلا ، فلم يشك عند الخبر ، بل غلبه الجزع عند المعاينة

(حم طس ك عن ابن عباس ) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ، وصححه ابن حبان .



الخدمات العلمية