الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
7476 - لو كان لابن آدم واد من مال لابتغى إليه ثانيا ، ولو كان له واديان لابتغى لهما ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب (حم ق ت) عن أنس (حم ق) عن ابن عباس (خ) عن ابن الزبير (هـ) عن أبي هريرة (حم) عن أبي واقد (تخ والبزار ) عن بريدة . (صح)

التالي السابق


(لو كان لابن آدم واد من مال) وفي رواية: لو أن لابن آدم واديا مالا ، وفي رواية: لو كان لابن آدم واد من مال ، وفي أخرى: من ذهب ، وفي أخرى: من ذهب وفضة (لابتغى) بغين معجمة: افتعل بمعنى طلب (إليه ثانيا) عداه بــ "إلى" لتضمن الابتغاء بمعنى: لضم ، يعني: لضم إليه واديا ثانيا (ولو كان له واديان لابتغى إليهما) واديا (ثالثا) وهلم جرا إلى ما لا نهاية له (ولا يملأ جوف ابن آدم) وفي رواية: "نفس" بدل "جوف" ، وفي أخرى: ولا يسد جوف ، وفي أخرى: ولا يملأ عين ، وفي أخرى: ولا يملأ فاه ، وفي أخرى: ولا يملأ بطنه ، وليس المراد عضوا بعينه ، والغرض من العبارات كلها واحد ، وهو من التفنن في العبارة ، ذكره الكرماني (إلا التراب) أي لا يزال حريصا على الدنيا حتى يموت ويمتلئ جوفه من تراب قبره ، والمراد بابن آدم الجنس باعتبار طبعه ، وإلا فكثير منهم يقطع بما أعطي ولا يطلب زيادة ، لكن ذلك عارض له من الهداية إلى التوبة كما يومئ إليه قوله (ويتوب الله على من تاب) أي يقبل التوبة من الحرص المذموم ومن غيره ، أو تاب بمعنى وفق ، يقال تاب الله عليه: أي وفقه ، يعني: جبل الآدمي على حب الحرص ، إلا من وفق الله وعصمه ، فوقع "يتوب" موقع "إلا من عصمه" إشعارا بأن هذه الجبلة مذمومة جارية مجرى الذنب ، وأن إزالتها ممكنة بالتوفيق ، وفي ذكر ابن آدم دون الإنسان إيماء إلى أنه خلق من تراب طبعه القبض واليبس ، وإزالته ممكنة بأن يمطر الله عليه من غمام توفيقه

[تنبيه] ذهب بعض الصوفية إلى أن معنى الحديث: لو كان لأبناء الدنيا ذلك لطلبوا الزيادة منه ، بخلاف أبناء الآخرة ، إذ الأدم: ظاهر الجلد ، أي لو كان لبني آدم - الذين نظروا إلى ظاهر الدنيا دون باطنها - واديان من ذلك لابتغوا ثالثا وهكذا ، بخلاف أبناء الآخرة الذين خرقوا ببصرهم إلى الدار الآخرة ، وعرفوا ما يقربهم إلى حضرة الله وما يبعدهم عنها ، وأطال ، قال: ولا بد من استثناء الأنبياء والأولياء على كل حال ، لزهدهم في الدنيا

(حم ق) في الرقاق (ت عن أنس) بن مالك (حم ق عن ابن عباس خ عن) عبد الله (بن الزبير) بن العوام (هـ عن أبي هريرة حم عن أبي واقد) بقاف ومهملة ، الليثي ، بمثلثة بعد التحتية ، الحارث بن مالك المدني (ت خ والبزار عن بريدة ) وفي الباب غيره.



الخدمات العلمية