الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
10651 4791 - (11035) - (3\7) عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، سمع أبا سعيد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: "إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله من نبات الأرض، وزهرة الدنيا"، فقال رجل: أي رسول الله! أويأتي الخير بالشر؟ فسكت حتى رأينا أنه ينزل عليه، قال: وغشيه بهر وعرق، فقال: "أين السائل؟ "، فقال: ها أنا ذا، ولم أرد إلا خيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الخير لا يأتي إلا بالخير، إن الخير لا يأتي إلا بالخير، إن الخير لا يأتي إلا بالخير، ولكن الدنيا خضرة حلوة وكل ما ينبت الربيع يقتل حبطا أو يلم، إلا آكلة الخضر؛ فإنها أكلت حتى امتدت خاصرتاها، واستقبلت الشمس، فثلطت

[ ص: 356 ]

وبالت، ثم عادت فأكلت، فمن أخذها بحقها، بورك له فيه، ومن أخذها بغير حقها، لم يبارك له، وكان كالذي يأكل ولا يشبع".


قال عبد الله: قال أبي: قال سفيان: وكان الأعمش يسألني عن هذا الحديث.

التالي السابق


* قوله : " إن أخوف ما أخاف عليكم": اسم التفضيل للمفعول كأشهر.

* "ما يخرج الله"؛ أي: يفتح عليكم.

* "من نبات الأرض"؛ أي: مما يخرج منها من جواهرها.

* "وزهرة الدنيا ": بفتح فسكون؛ أي: زينتها.

* "أويأتي الخير"؛ أي: المال خير؛ لقوله تعالى: إن ترك خيرا [ البقرة: 180]

* وقوله: وإنه لحب الخير لشديد [ العاديات: 8]، سيما إذا كان من جهة فتح البلاد على المسلمين، فكيف يترتب عليه الشر حتى يخاف منه؟

* "بهر"؛ بضم فسكون: ما يعتري الإنسان عند السعي الشديد والعدو من تتابع النفس.

* "إلا خيرا "؛ أي: تحقيق العلم.

* "إن الخير لا يأتي"؛ أي: الخير الصرف لا يأتي إلا بالخير، والمال ليس كذلك، بل هو مما يمازجه شر من جهة التحصيل والصرف، أو المراد: أن الخير لا يأتي إلا بالخير، والشر ها هنا ما جاء من قبل المال، وإنما جاء من جهة ما قارنه من جهة العبد في تحصيله وصرفه.

* "خضرة حلوة"؛ أي: مرغوبة؛ من جهة الزينة واللذة، فيقارنها الإفراط في تحصيلها، وصرفها، فيؤدي ذاك إلى الهلاك.

* "الربيع"؛ قيل: هو الفصل المشهور بالإنبات، وقيل: هو النهر الصغير المنفجر عن النهر الكبير.

[ ص: 357 ]

* "حبطا": بفتحتين مع إهمال الحاء؛ أي: انتفاخا.

* "أو يلم": بضم ياء وكسر لام؛ من الإلمام، أي: يقرب من القتل.

* "إلا آكلة الخضر": كلمة "إلا" استثنائية، و"الآكلة" بمد الهمزة، و"الخضر" بفتح خاء معجمة وكسر ضاد معجمة، قيل: نوع من البقول ليس من جيدها وأحرارها، وقيل: هو كالصيف اليابس، والاستثناء منقطع، أي: لكن آكلة الخضر تنفع بأكلها، فإنها تأخذ الكلأ على الوجه الذي ينبغي، وقيل: متصل مفرغ في الإثبات؛ أي: يقتل كل آكلة إلا آكلة الخضر.

والحاصل: أن ما ينبته الربيع خير، لكن مع ذلك يضر إذا لم تستعمله الآكلة على وجهه، وإذا استعمل على وجهه، لا يضر، فكذا المال، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.

* "حتى امتدت خاصرتاها"؛ أي: شبعت.

* "واستقبلت الشمس": تستمرئ بذلك.

* "فثلطت": بفتح مثلثة واللام؛ أي: ألقت رجيعها سهلا رقيقا.

* * *




الخدمات العلمية