الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
14033 6075 - (14442) - (3 \ 321) عن أبي الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقها ، إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت قط ، وأقعد لها بقاع قرقر تستن عليه بقوائمها وأخفافها . ولا صاحب بقر لا يفعل فيها حقها ، إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت ، وأقعد لها بقاع قرقر تنطحه بقرونها وتطؤه بقوائمها . ولا صاحب غنم لا يفعل فيها حقها ، إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت ، وأقعد لها بقاع قرقر تنطحه بقرونها . وتطؤه بأظلافها ، ليس فيها جماء ولا منكسر قرنها . ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقه ، إلا جاء كنزه يوم القيامة شجاعا أقرع ، يتبعه فاغرا فاه ، فإذا أتاه ، فر منه ، فيناديه ربه : خذ كنزك الذي خبأته ، فأنا عنه أغنى منك ، فإذا رأى أنه لا بد منه ، سلك يده في فيه ، فقضمها قضم الفحل " .

[ ص: 63 ] قال أبو الزبير : وسمعت عبيد بن عمير : قال رجل : يا رسول الله ! قال عبد الرزاق في حديثه : قال رجل : يا رسول الله ! ما حق الإبل ؟ قال : " حلبها على الماء ، وإعارة دلوها ، وإعارة فحلها ، ومنيحتها ، وحمل عليها في سبيل الله " . قال عبد الرزاق فيها كلها : "وقعد لها ! وقال عبد الرزاق فيه : قال أبو الزبير : سمعت عبيد بن عمير يقول هذا القول ، ثم سألنا جابرا الأنصاري عن ذلك ، فقال مثل قول عبيد بن عمير .

التالي السابق


* قوله : "لا يفعل فيها حقها " : أي : لا يأتي فيها بحقها ، ولا يراعي حق الله فيها .

"وأقعد " : على بناء المفعول ، من الإقعاد .

* "لها " : أي : للإبل .

* "بقاع " : القاع : المكان الواسع .

* "قرقر " : القرقر - بفتح القافين - : المكان المستوي .

"تستن " : - بتشديد النون - ، يقال : استن وسن : إذا لج في عدوه ذاهبا وجائيا ، وقيل : الاستنان : هو أن يرفع يديه ويطرحهما معا ، ويعجن برجليه .

* "تنطحه " : - بكسر الطاء ، ويجوز فتحها - ، والأول هو المشهور رواية .

* "جماء " : التي لا قرن لها .

* "شجاعا " : - بضم الشين - ، ونصبه على الحال .

* "أقرع " : لا شعر على رأسه ; لكثرة سمه ، وقيل : هو الأبيض الرأس من كثرة السم .

* "فاغرا " : فاتحا .

* "فر منه " : كأن هذا في أول الأمر قبل أن يصير طوقا له .

[ ص: 64 ] * "خبأته " : بالخطاب .

* "سلك " : أدخل .

* "فقضمها " : من القضم - بقاف وضاد معجمة - : الأكل بأطراف الأسنان .

* "الفحل " : أي : الذكر القوي بأسنانه .

* "ما حق الإبل " : ظاهره الحق الواجب الذي فيه الكلام ، لكن معلوم أن ذلك الحق الواجب هو الزكاة ، لا المذكور في الجواب ، فينبغي أن يجعل السؤال عن الحق المندوب ، وتركوا السؤال عن الواجب الذي كان فيه الكلام ; لظهوره عندهم .

* "وإعارة دلوها " : لإخراج الماء من البئر لمن يحتاج إليه ، ولا دلو معه .

* "فحلها " : أي : للضراب لمن معه الإناث بلا ذكر .

* "ومنيحتها " : أي : العطية منها للمحتاج إلى اللبن ولا ماشية عنده .

* * *




الخدمات العلمية