الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
13968 6037 - (14377) - (3 \ 314 - 315) عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن إبليس يضع عرشه على الماء ، ثم يبعث سراياه ، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ، يجيء أحدهم ، فيقول : فعلت كذا وكذا ، فيقول : ما صنعت شيئا . قال : ويجيء أحدهم ، فيقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله ، قال : فيدنيه منه - أو قال : فيلتزمه - ويقول : نعم أنت أنت " . قال أبو معاوية مرة : "فيدنيه منه " .

[ ص: 39 ]

التالي السابق


[ ص: 39 ] * قوله : "يضع عرشه " : يحتمل أن المراد : حقيقته ، وكأنه من كمال تمرده وطغيانه يقصد بذلك التشبه بالرحمن ، قال تعالى : وكان عرشه على الماء [هود : 7] ، ويحتمل أنه كناية عن تسلطه واستيلائه على البحر .

* "سراياه " : أي : جيوشه .

* "فأدناهم " : أي : أقربهم .

* "منه " : من إبليس .

* "منزلة " : مرتبة ومكانة .

* "كذا وكذا " : كناية عن أنواع الفتن .

* "ما تركته " : أي : ابن آدم .

* "فرقت " : من التفريق .

* "فيدنيه " : من الإدناء ; أي : يدني إبليس ذاك القائل .

* "منه " : أي : من نفسه .

* "فيلتزمه " : يعانقه .

* "نعم أنت " : قيل : تقديره : نعم العون أنت ، على أن الفاعل مقدر ، والضمير مخصوص بالمدح ، وقيل بالعكس ; أي : نعم أنت العون ، وضعف الأول بأن الفاعل لا يقدر ، وبأنه إذا كان المخصوص ضميرا ، فالفاعل يكون مضمرا مفسرا بنكرة غير موصوفة ; مثل : إن تبدوا الصدقات فنعما هي [البقرة : 271] ; أي : نعم شيئا هي ، وضعف الثاني بأن الفاعل يكون معرفا باللام ، أو مضافا إلى المعرف ، أو مضمرا مفسرا بنكرة ، فلا يصلح أنت للفاعلية .

وفي "الأزهار " : والجواب الصحيح : أنه لحن جاء من إبليس لفظا ومعنى ،

[ ص: 40 ] حكى عنه النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه الذي تكلم به الملعون ، فلا حاجة إلى توجيهه بتكلف ، انتهى .

قلت : كأن فيه تنبيها على أن إبليس من شدة الفرح بذلك لا يميز بين الخطأ والصواب ، حتى أتى باللحن ، ولعل اللحن المعنوي هو أنه وضع المدح موضع الذم ، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية