الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن ابن أبي مليكة أن عمر بن الخطاب مر بامرأة مجذومة وهي تطوف بالبيت فقال لها يا أمة الله لا تؤذي الناس لو جلست في بيتك فجلست فمر بها رجل بعد ذلك فقال لها إن الذي كان قد نهاك قد مات فاخرجي فقالت ما كنت لأطيعه حيا وأعصيه ميتا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          967 951 [ ص: 602 ] ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ) نسبه إلى جده لشهرته ، وإلا فأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، بمهملة وزاي ( عن ابن أبي مليكة ) هو عبد الله ، بفتح العين ، ابن عبيد الله ، بضمها ، ابن عبد الله ، بفتحها ، ابن أبي مليكة ، بضم الميم ، بالتصغير ، يقال اسمه زهير التيمي مولى عبد الله بن جدعان ، أدرك ثلاثين من الصحابة ، وكان ثقة فقيها مات سنة سبع عشرة ومائة .

                                                                                                          ( أن عمر بن الخطاب مر بامرأة مجذومة ) أصابها داء الجذام ، يقطع اللحم ويسقطه ( وهي تطوف بالبيت ، فقال لها : يا أمة الله لا تؤذي الناس ) بريح الجذام ( لو جلست في بيتك ) كان خيرا لك ، أو لو للتمني ، فلا جواب لها ( فجلست فمر بها رجل ) لم يسم ( بعد ذلك فقال لها : إن الذي قد نهاك قد مات ، فاخرجي ) لعله جاهل أو رجل سوء أو يكون مختبرا لها ، قاله أبو عبد الملك .

                                                                                                          ( فقالت : ما كنت لأطيعه حيا وأعصيه ميتا ) لأنه إنما أمر بحق ، قال أبو عمر : فيه أنه يحال بين المجذوم ، ومخالطة الناس لما فيه من الأذى ، وهو لا يجوز ، وإذا منع آكل الثوم من المسجد وكان ربما أخرج إلى البقيع في العهد النبوي ، فما ظنك بالجذام وهو عند بعض الناس يعدي وعند جميعهم يؤذي ؟ وألان عمر للمرأة القول بعد أن أخبرها أنها تؤذي ، لأنه لم يتقدم إليها ، ورحمها للبلاء الذي بها ، وقد عرف منه أنه كان يعتقد أن شيئا لا يعدي ، وكان يجالس معيقيبا الدوسي ، ويؤاكله ويشاربه ، وربما وضع فمه على موضع فمه ، وكان على بيت ماله ، ولعله علم من عقلها ودينها أنها تكتفي بإشارته ، فلم يحتج إلى نهيها ، ألم تر إلى أنه لم تخط فراسته فيها فأطاعته حيا وميتا .




                                                                                                          الخدمات العلمية