الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعد بن أبي وقاص كان إذا دخل مكة مراهقا خرج إلى عرفة قبل أن يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يطوف بعد أن يرجع قال مالك وذلك واسع إن شاء الله وسئل مالك هل يقف الرجل في الطواف بالبيت الواجب عليه يتحدث مع الرجل فقال لا أحب ذلك له قال مالك لا يطوف أحد بالبيت ولا بين الصفا والمروة إلا وهو طاهر

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          833 824 - ( مالك أنه بلغه أن سعد بن أبي وقاص ) مالك الزهري ، ( كان إذا دخل مكة مراهقا ) - بفتح الهاء ، وكسرها - يعني ضاق عليه الوقت حتى يخاف فوت الوقوف بعرفة ( خرج إلى عرفة قبل أن يطوف بالبيت ) طواف القدوم ، ( و ) يسعى ( بين الصفا والمروة ) بعده ، ( ثم يطوف ) للإفاضة ( بعد أن يرجع ) ويسقط عنه طواف القدوم ، لأن محل وجوبه لغير المراهق .

                                                                                                          ( قال مالك : وذلك واسع ) جائز ( إن شاء الله ) للتبرك .

                                                                                                          ( وسئل مالك هل يقف الرجل في الطواف بالبيت الواجب عليه ) ، وهو طواف القدوم لمن لم يراهق ، وطواف الإفاضة ( يتحدث مع الرجل ؟ فقال : لا أحب ذلك له ) لما ورد عن ابن عباس ، موقوفا ، ومرفوعا : " الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام ، فمن نطق ، فلا ينطق إلا بخير " ، أخرجه أصحاب السنن ، وصححه ابن خزيمة ، وابن حبان ، واستنبط منه العز بن عبد السلام أن الطواف أفضل [ ص: 469 ] أعمال الحج ، لأن الصلاة أفضل من الحج ، فيكون ما اشتملت عليه أفضل ، قال : وأما حديث الحج عرفة ، فلا يتعين أن التقدير معظم الحج عرفة ، بل يجوز إدراك الحج بالوقوف بعرفة ، قال الحافظ : وفيه نظر ، ولو سلم فما لا يقوم الحج إلا به أفضل مما ينجبر ، والوقوف ، والطواف في ذلك سواء فلا تفضيل ، فالكلام وإن جاز للطائف لكن ينبغي تجنبه فيما لا فائدة فيه ، وأن يكون الطائف خاضعا حاضر القلب ملازما للأدب ظاهرا وباطنا .

                                                                                                          وروى الأزرقي ، وغيره ، عن وهيب بن الورد ، قال : كنت في الحجر تحت الميزاب ، فسمعت من تحت الأستار : إلى الله أشكو ، وإليك يا جبريل ما ألقى من الناس من تفكههم حولي في الكلام .

                                                                                                          ( قال مالك : لا يطوف أحد بالبيت ، ولا بين الصفا والمروة إلا وهو طاهر ) متوض وجوبا في الطواف ، واستحبابا في السعي ، وبهذا قال الجمهور ، وخالف أبو حنيفة ، وبعض الكوفيين ، فقالوا : لا يجب في الطواف ، ومن الحجة عليهم قوله : - صلى الله عليه وسلم - لعائشة لما حاضت : " غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري " - بفتح التاء ، والطاء ، والهاء - المشددتين بحذف إحدى التاءين ، وأصله : تتطهري ، ويؤيده رواية مسلم : " حتى تغتسلي " ، وهو ظاهر في نهي الحائض عن الطواف حتى ينقطع دمها وتغتسل ؛ لأن النهي في العبادات يقتضي الفساد ، وذلك يقتضي بطلان الطواف لو فعلته ، وفي معنى الحائض الجنب والمحدث .




                                                                                                          الخدمات العلمية