الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          التسمية قبل الوضوء ، والذكر والدعاء بعده : ورد في التسمية للوضوء أحاديث ضعيفة ، يدل بعضها على وجوبها ، وبعضها على استحبابها ، قال الحافظ ابن حجر : " الظاهر أن مجموعها يحدث منها قوة تدل على أن لها أصلا ، ودعمها النووي بحديث : كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه ببسم الله فهو أجذم وهو مثلها " . ولما كانت التسمية أمرا حسنا في نفسه ، ومشروعا في الجملة تساهل الفقهاء في علل ما ورد فيها من الأحاديث ، وقال بعضهم بوجوبها ، وبعضهم بسنيتها ، حتى إن ابن القيم ، المحقق الشهير ، قال في بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء من كتابه ( زاد المعاد ) : " ولم يحفظ عنه أنه [ ص: 205 ] كان يقول على وضوئه شيئا غير التسمية ، وكل حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه ، فكذب مختلق ، لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا منه ، ولا علمه لأمته ، ولا ثبت عنه غير التسمية في أوله ، وقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين في آخره " انتهى .

                          أقول : أما الشهادتان بعد الوضوء ، فقد روى حديثهما أحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن حبان ، عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منكم أحد يتوضأ ، فيسبغ الوضوء ، ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء والعمدة في صحته رواية مسلم ، وأما زيادة الدعاء فهي في رواية الترمذي ، وقد قال هو في الحديث : " وفي إسناده اضطراب ، ولا يصح فيه كثير شيء ، ولكن رواية مسلم سالمة من هذا الاضطراب ، كما قال الحافظ ابن حجر ، وزاد النسائي في عمل اليوم والليلة ، والحاكم في المستدرك ، من حديث أبي سعيد ، بعد قوله : من المتطهرين : سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك ، وأتوب إليك وقد روي هذا مرفوعا وموقوفا ، فضعفوا المرفوع ، وأما الموقوف فصححه النسائي ، وأنكر الحافظ ابن حجر ، على النووي تضعيفه ، ومن هذا تعلم أن دعاء الأعضاء باطل ، وقد قال النووي في الروضة والمنهاج : إنه لا أصل له ، قال الرملي في شرح المنهاج : أي لا أصل له يحتج به ، وذكر أنه روي ، ولكنه واه لا يعمل به ، ولا في فضائل الأعمال التي يعملون فيها بالحديث الضعيف .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية