الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                79 [ ص: 197 ] ص: حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، قال: نا مسدد، ؛ قال: ثنا أبو عوانة ، عن داود بن عبد الله الأودي ، عن حميد بن عبد الرحمن، قال: "لقيت من صحب النبي - عليه السلام - كما صحبه أبو هريرة أربع سنين، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... " فذكر مثله.

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده صحيح، وصححه ابن القطان ، وأبو بكر بن المنذر .

                                                وقال أحمد بن حنبل : إسناده حسن -فيما ذكره الأثرم - ولا التفات إلى قول ابن منده وابن حزم : لا يثبت من جهة سنده، زاد ابن حزم : إن كان داود هذا هو عم ابن إدريس فهو ضعيف وإن لم يكن إياه فهو مجهول; لأن الحميدي كتب إلى أبي محمد في العراق يخبره بصحة هذا الخبر، ويبين له أن داود هذا هو ابن عبد الله الزعافري أبو العلاء الكوفي ، روى عنه جماعة ووثقه أحمد وغيره، وقال ابن مفوز : فلا أدري رجع أبو محمد عن قوله أم لا، وذكره البيهقي في "المعرفة" وقال: هو منقطع، وداود بن عبد الله متفرد به، وذكره في "السنن" وقال: رواته ثقات، إلا أن حميدا لم يسم الصحابي، فهو بمعنى المرسل، إلا أنه مرسل جيد; لولا مخالفة الأحاديث الثابتة الموصولة قبله، وداود لم يحتج به الشيخان. انتهى.

                                                وعليه فيه مآخذ:

                                                الأول: قوله: "إنه بمعنى المرسل" إن أراد أنه يشبهه في أنه لم يسم الصحابي فصحيح، لكنه لا يمنع خصمه من الاحتجاج ذاهبا إلى أنه لا حاجة إلى تسمية الصحابي بعد أن حكم التابعي له بالصحبة، وإن أراد أنه في معناه في أنه لا يحتج به قوم كما لا يحتجون بمرسل التابعي فغير صحيح؛ لما قدمناه.

                                                الثاني: قوله: "مرسل جيد" غير جيد; بل هو مسند على الصحيح من أقوال العلماء.

                                                الثالث: قوله: "لولا مخالفة الأحاديث الثابتة" يعني بذلك ما تقدم، فليس جيدا لأمرين: الأول: شأن المحدث الأعراض عن المعارضة كما قرره الأئمة.

                                                الثاني: على تقدير التسليم يجاب بأنه لا بأس أن يتوضئا أو يغتسلا جميعا من إناء [ ص: 198 ] واحد يتنازعاه، على حديث عائشة ، وميمونة ، وأنس ، وغيرهم، على أنه لا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة على حديث الحكم الغفاري ، ولأن الأحاديث التي وردت في الكراهة عن الصحابة والتابعين لم يكن في شيء منها أن الكراهة في ذلك للرجل أن يتطهر بفضل وضوء المرأة، ولتلك الأحاديث علل ذكرها أبو بكر الأثرم في كتاب الناسخ والمنسوخ.

                                                الرابع: قوله: وداود لم يحتج به الشيخان، فيه نظر في موضعين: الأول: أنه إن أراد عيبه بذلك فليس بعيب عند المحدثين قاطبة; لأنهما لم يلتزما الإخراج عن كل ثقة، ولو التزماه لما [أطاقاه]. الثاني: إن كان يريد بهذا الكلام رد الحديث وهو الأقرب بضميمة كلامه على انقطاعه وغيره; فهو كلام متناقض لا حاصل تحته.

                                                الخامس: قوله: "منقطع" إنما يريد به الإرسال الذي أشار إليه في "السنن" لا الانقطاع الصناعي، وزعم أبو عمر أن أبا عوانة رواه عن داود ، عن حميد ، عن أبي هريرة ، وأخطأ فيه.

                                                قلت: زعم ابن القطان أن المبهم ها هنا قيل: هو عبد الله بن مغفل ، وقيل: ابن سرجس .

                                                والحديث أخرجه أبو داود : عن مسدد ، عن أبي عوانة ... إلى آخره نحوه.

                                                والنسائي : عن قتيبة عن أبي عوانة ... إلى آخره، ولفظه: "نهى رسول الله - عليه السلام - أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو يبول في مغتسله، أو يغتسل الرجل بفضل المرأة، أو المرأة بفضل الرجل وليغترفا جميعا" .




                                                الخدمات العلمية