الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                74 75 ص: ولو وجب أن يعمل بما روينا في السبع ولا يجعل منسوخا لكان ما روى عبد الله بن المغفل في ذلك عن النبي - عليه السلام - أولى مما روى أبو هريرة ; لأنه زاد عليه.

                                                حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا سعيد بن عامر ووهب بن جرير، قالا: ثنا شعبة ، عن أبي التياح ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه -: " أن النبي - عليه السلام - أمر بقتل الكلاب، ثم قال: ما لي وللكلاب؟ ثم قال: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات وعفروا الثامنة بالتراب". ) .

                                                التالي السابق


                                                ش: تحريره أن حديث السبع إذا لم يجعل منسوخا يكون العمل بحديث عبد الله بن مغفل أولى; لأنه زاد عليه -أي على حديث أبي هريرة - للاحتياط؛ ولهذا ذهب إليه الحسن وأحمد في رواية.

                                                ورجال الحديث رجال الصحيح ما خلا بكارا .

                                                وأبو التياح اسمه يزيد بن حميد وهو بفتح التاء المثناة من فوق ثم الياء آخر الحروف المشددة وفي آخره حاء مهملة.

                                                ومطرف بضم الميم وتشديد الراء المكسورة.

                                                وأخرجه مسلم : عن عبيد الله بن معاذ ، عن أبيه، عن شعبة إلى آخره، ولفظه "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب، ثم قال: ما بالهم وبال الكلاب! ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم، وقال: إذا ولغ الكلب في [إناء أحدكم] فاغسلوه سبع مرات وعفروا الثامنة بالتراب" .

                                                [ ص: 187 ] وأبو داود : عن أحمد بن حنبل ، عن يحيى بن سعيد ، عن شعبة ... إلى آخره نحوه.

                                                والنسائي : عن محمد بن عبد الأعلى ، عن خالد ، عن شعبة ... إلى آخره نحوه، وليس فيه "ما لي وللكلاب".

                                                وابن ماجه : عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن شبابة ، عن شعبة ... إلى آخره مقتصرا على قوله: "إذا ولغ الكلب ... " إلى آخره.

                                                قوله: "ما لي وللكلاب" أراد بهذا التنبيه على النهي عن قتلها.

                                                قوله: "وعفروا" قال صاحب "المطالع": معناه اغسلوه بالتراب، وهو من العفر -بالتحريك- وهو التراب، يقال: عفره في التراب يعفره عفرا، وعفره تعفيرا أي مرغه، وشيء معفور ومعفر مترب.

                                                قوله: "الثامنة" بالنصب على الظرفية وموصوفها محذوف، والتقدير: عفروه في المرة الثامنة بالتراب.

                                                ويستفاد من هذه الروايات: أن قتل الكلاب كان جائزا ثم نسخ.

                                                وروى الطبراني : من طريق الجارود عن إسرائيل ، بإسناده إلى علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم، ومن اقتنى كلبا لغير صيد ولا زرع ولا غنم; أوى إليه كل (يوم) قيراط من الإثم مثل أحد" .

                                                [ ص: 188 ] وأخرج البخاري ومسلم : "من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان" رواه ابن عمر .

                                                فإن كان الكلب عقورا جاز قتله; لحديث عائشة رواه مسلم : "خمس (من الفواسق) يقتلن في الحل والحرم: الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحديا" .

                                                ويستفاد منه أيضا: حرمة اقتنائه لغير الحاجة ، نحو أن يقتنى إعجابا بصورته أو للمفاخرة به، فهذا حرام بلا خلاف، وأما للحاجة نحو: الصيد وحراسة الزرع والغنم فجائز بلا خلاف، وفي معناه لحراسة الدروب والدور، واختلف في اقتناء كلب صيد ولا يصيد.




                                                الخدمات العلمية