الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( الثالث عشر ) قال في باب العدة : إذا خرجت مع زوجها لحج الفريضة فمات أو طلقها في ثلاثة أيام أو نحوها إنها ترجع إن وجدت ثقة ذا محرم أو ناسا لا بأس بهم وإن بعدت أو كانت أحرمت أو أحرمت بعد الطلاق أو الموت وسواء أحرمت بفرض أو نفل أو لم تجد رفقة ترجع معهم فإنها تمضي ولا شك أن حكم المحرم كذلك إلا أنها لا ترجع في الثلاثة الأيام إذا كانت الرفقة مأمونة والله أعلم .

                                                                                                                            ( الرابع عشر ) قالوا أيضا في باب العدة : إذا خرجت مع زوجها لحج تطوع أو لغزو أو رباط أو غير ذلك فمات عنها في الطريق إنها ترجع لتتم عدتها ببيتها إن علمت أنها تصل قبل انقضاء عدتها إن وجدت ثقة ذا محرم أو رفقة مأمونة وإلا تمادت مع رفقتها وقياسه في المحرم إذا مات عنها أنها إن لم تجد محرما ولا رفقة مأمونة أن تمضي مع رفقتها بلا إشكال وإن وجدت المحرم أن ترجع معه وإن وجدت رفقة مأمونة والتي هي فيها أيضا مأمونة فلا يخلو إما أن يكون ما مضى من سفرها أكثر مما بقي أو بالعكس ففي الأولى تمضي مع رفقتها بلا إشكال وفي الثانية محل نظر والظاهر الرجوع ارتكابا لأخف الضررين إلا أن يكون هناك ما يعارضه والله أعلم .

                                                                                                                            ( الخامس عشر ) إذا قلنا : تسافر مع الرفقة المأمونة فالظاهر أن لها أن تعود معها أيضا بعد قضاء فرضها وكذلك لو سافرت مع محرم ثم مات بعد أداء فرضها فالظاهر أن لها أن تعود مع الرفقة المأمونة ; لأن في إلزامها الإقامة بغير بلدها مشقة عظيمة لا سيما في بلاد الحجاز والله أعلم .

                                                                                                                            ( السادس عشر ) يستثنى مما تقدم ما إذا وجد الرجل المرأة في مفازة ومقطعة وخشي عليها الهلاك فإنه يجب عليه أن يصحبها معه وأن يرافقها وإن أدى إلى الخلوة بها لكن يحترس جهده والأصل في ذلك قضية السيدة عائشة رضي الله عنها في حديث الإفك قال القاضي عياض في الإكمال : فيه حسن الأدب في المعاملة والمعاشرة مع النساء الأجانب لا سيما في الخلوة بهن عند الضرورة كما فعل صفوان من تركه مكالمة عائشة وسؤالها وأنه لم يزد على الاسترجاع وتقديم مركبها وإعراضه بعد ذلك حتى ركبت ثم تقدمه يقود بها وفيه إغاثة الملهوف وعون الضعيف وإكرام من له قدر كما فعل صفوان في ذلك كله والله أعلم .

                                                                                                                            ( السابع عشر ) الظاهر أنه يكفي في المحرم أن يكون معها في رفقة ولا يشترط أن تكون هي وإياه مترافقين فلو كان في أول الرفقة وهي في آخرها أو بالعكس بحيث إنها إذا احتاجت إليه أمكنها الوصول بسرعة كفى ذلك والله أعلم .

                                                                                                                            ( الثامن عشر ) الخنثى إذا كان واضحا فحكمه حكم الصنف الذي لحق به وإن كان مشكلا فقال ابن عرفة في كتاب النكاح في بعض التعاليق : يحتاط في الحج لا يحج إلا مع ذي محرم لا مع جماعة الرجال فقط .

                                                                                                                            ( ( قلت ) ) : إلا أن يكون جواريه أو ذوات محارمه انتهى . وانظر هذا الذي نقله عن [ ص: 527 ] بعض التعاليق وأقره كأنه المذهب والظاهر أن ما قاله خاص بحج التطوع أما حج الفرض فالظاهر أنه يكفي خروجه مع جماعة الرجال والنساء إلا على القول الذي يشترط في الرفقة مجموع الصنفين والله أعلم . وقد طال الكلام بنا وخرجنا عن المقصود

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية