الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وعبد بفرض )

                                                                                                                            ش : يعني أنه يكره أن يكون العبد إماما راتبا في الفرائض وهذا هو المشهور وهو مذهب المدونة ، والكراهة عامة حتى في مساجد القبائل ، قال في المدونة : ولا يؤم العبد في الحضر ولا في مساجد القبائل ولا في جمعة أو عيد فإن أمهم في جمعة أعاد وأعادوا إذ لا جمعة عليه ولا عيد انتهى . قال ابن ناجي ما ذكر أنه لا يؤم في مساجد القبائل والمراد بذلك الكراهة هو أحد الأقوال الثلاثة ، وقيل : إنها جائزة ، قاله ابن الماجشون ، وقيل : إن كان أصلحهم لم يكره ، قاله اللخمي وما ذكر أنه لا يؤم في الجمعة والمراد به التحريم هو أحد الأقوال الثلاثة ، وقيل تجوز إمامته ابتداء ، وقيل إن استخلف لتمامها جاز وما ذكر أنه لا يؤم في العيد هو المنصوص وخرج اللخمي والمازري جوازه على قول ابن الماجشون يعني في الفريضة ، وذكره ابن الجلاب لأشهب نصا ويرد التخريج بكثرة من يحضر العيد من الناس فهو إظهار لأئمة الإسلام فإن أم في الجمعة فظاهر الكتاب أنهم يعيدون أبدا وهو كذلك ، وظاهر الكتاب في العيد أنهم يعيدون ، وهو خلاف نقل اللخمي عن ابن القاسم أنها تجزئ واختصرها ابن يونس فإن أمهم في جمعة أو عيد أعادوا وليس في التهذيب ذكر العيد وإنما ذكره في التعليل وفي نسخ من البراذعي كابن يونس ولم أقرأه ، وقال أبو إبراهيم وليس في الأمهات أو عيد ذكره معترضا على ابن يونس انتهى كلام ابن ناجي

                                                                                                                            ( قلت ) قوله : ظاهر الكتاب في العيد أنهم يعيدون ليس كذلك ; لأن تخصيصه الإعادة بالجمعة يقتضي نفي الإعادة في العيد بل لفظ الأم أصرح من ذلك ونصها في كتاب الصلاة الأول ، قال مالك : لا يكون العبد إماما في مساجد القبائل ولا في مساجد الجماعة ولا الأعياد ، قال : ولا يصلي العبد بالقوم الجمعة ، قال ابن القاسم فإن فعل أعاد وأعادوا ; لأن العبد لا جمعة [ ص: 106 ] عليه انتهى . وذكرها في الأم من كتاب الصلاة الثاني في باب الجمعة فقال قال ولا يصلي العبد بالناس العيد ولا الجمعة ; لأن العبد لا جمعة عليه ولا عيد انتهى . ولم يذكرها في التهذيب في كتاب الصلاة الثاني وما ذكره ابن ناجي عن ابن يونس هو كذلك ، وكذلك وقع في نسخة الشيخ أبي الحسن الصغير من البراذعي واعترضه بأنه ليس في الأمهات ، قال ، وذكره في التعليل فيدل على أنه مراده في الأول ، ونقله ابن يونس وكأنه وقع في نسخة ابن عرفة من التهذيب كذلك واعتمد على اختصار ابن يونس فنسب الإعادة في العيد للمدونة ونصه اللخمي في كراهته يعني العبد في السنن ، قولا ابن القاسم وتخريج المازري مع اللخمي على قول عبد الملك في الفرض ، قال ابن عرفة قلت فيها إن أم في عيد أعادوا ، وظاهر نقل اللخمي الكراهة خلافه انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) : قد علمت أن الإعادة لم يذكرها في الأم إلا في الجمعة وكلام الأم كالصريح فإن إمامته في السنن كترتبه في الفرائض فالصواب ما قاله اللخمي ، وقال في الطراز - فرع - : لو أمهم العبد في العيد هل يعيدون مثل الجمعة ؟ جمع ابن الجلاب بينهما واعتل بأنه لا جمعة عليه ولا عيد وفيه نظر فإن العيد من النوافل لا من الفرائض ، ولو فاته العيد مع الإمام جاز أن يصليه وحده فما كان له أن يفعله وحده كان له أن يؤم فيه ، ولأن إحرام الإمام في حكم إحرام المنفرد وإنما يكره أن يتقدم العبد في ذلك لتوفر الجمع ووجود من هو أولى منه انتهى . وقال الشبيبي في شرح الرسالة وكره أن يتخذ العبد إماما راتبا في العيدين والكسوف والاستسقاء كالفرائض ; لأنها مواضع اجتماع الناس انتهى . وقاله ابن عزم في شرح الرسالة وما تقدم من ، والعشرة أوصاف المكروهة في الإمام قد زيد عليها إمامة العبد ومن لا يحسن القراءة ومن يلحن في قراءته ومن يقرأ بالشذوذ والجالس فأجري في كل واحد منهم قولان ، وكل ما تقدم من الخلاف في غير الصبي إنما هو مع وجود من هو أولى ، وإن لم يوجد سواه أو لم يوجد إلا أمثاله جازت قولا واحدا انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية