الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن جابر بن عبد الله الأنصاري سئل عن المسح على العمامة فقال لا حتى يمسح الشعر بالماء

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          69 68 - ( مالك أنه بلغه أن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهما - سئل عن [ ص: 167 ] المسح على العمامة فقال : لا حتى يمسح الشعر بالماء ) لأن الله تعالى قال : ( وامسحوا برءوسكم ) ( سورة المائدة : الآية 6 ) والماسح على العمامة لم يمسح برأسه .

                                                                                                          قال ابن عبد البر : روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على عمامته من حديث عمرو بن أمية وبلال والمغيرة وأنس وكلها معلومة .

                                                                                                          وخرج البخاري حديث عمرو وقد بينا فساد إسناده في كتاب الأجوبة عن المسائل المستغربة من البخاري ، وأجاز المسح عليها أحمد والأوزاعي وداود وغيرهم للآثار وقياسا على الخفين ، ومنعه مالك والشافعي وأبو حنيفة لأن المسح على الخفين مأخوذ من الآثار لا من القياس ، ولو كان منه لجاز المسح على القفازين .

                                                                                                          وقال الخطابي : فرض الله مسح الرأس ، وحديث مسح العمامة محتمل للتأويل فلا يترك المتيقن للمحتمل ، وقياسه على الخف بعيد لمشقة نزعه بخلافها ، وتعقب بأن الآية لا تنفي الاقتصار على المسح لا سيما عند من يحمل المشترك على حقيقته ومجازه ; لأن من قال : قبلت رأس فلان يصدق ولو على حائل ، وبأن المجيزين الاقتصار على مسح العمامة شرطوا فيه مشقة نزعها كالخف ، ورد الأول بأن الأصل حمل اللفظ على حقيقته ما لم يرد نص صريح بخلافه ، والنصوص وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلا وأمرا بمسح الرأس ، فتحمل رواية مسح العمامة على أنه كان لعذر بدليل المسح على الناصية معها كما في مسلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية