الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2836 2837 ص: حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا عياش الرقام ، قال : ثنا سعيد بن يحيى الحميري ، قال : ثنا سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن أبيه : ، " أن النبي - عليه السلام - كان يعود فقراء أهل المدينة ، وأنه أخبر بامرأة ماتت فدفنوها ليلا ، فلما أصبح آذنوه ، فمشى إلى قبرها فصلى عليها وكبر أربعا " .

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا وهب ، قال : ثنا أبي ، قال : سمعت النعمان يحدث ، عن الزهري ، عن أبي أمامة ، عن بعض أصحاب رسول الله - عليه السلام - نحوه .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذان طريقان :

                                                الأول : إسناده صحيح متصل : عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن عياش -بتشديد الياء آخر الحروف وفي آخره شين معجمة - بن الوليد الرقام القطان البصري شيخ البخاري وأبي داود ، عن سعيد بن يحيى الحميري أبي سفيان الحذاء الواسطي ، قال أبو داود : ثقة . روى له البخاري .

                                                عن سفيان بن حسين بن الحسن الواسطي ، وعن يحيى : ثقة في غير الزهري . وعن ابن معين : ليس به بأس . وقال العجلي : ثقة ، روى له الجماعة البخاري مستشهدا ، ومسلم في مقدمة كتابه . عن محمد بن مسلم الزهري ، عن أبي أمامة قيل اسمه سعد وقيل أسعد ، والأول أشهر ، روى له الجماعة .

                                                عن أبيه سهل بن حنيف بن واهب الأنصاري شهد بدرا والمشاهد كلها مع النبي - عليه السلام - . [ ص: 336 ] وأخرجه مالك في "موطئه " مرسلا : عن ابن شهاب ، عن أبي أمامة بن سهل ابن حنيف ، أنه أخبره : "أن مسكينة مرضت فأخبر رسول الله - عليه السلام - بمرضها ، قال : وكان رسول الله - عليه السلام - يعود المساكين ويسأل عنهم ، فقال رسول الله - عليه السلام - : إذا ماتت فآذنوني بها ، فخرج بجنازتها ليلا ، فكرهوا أن يوقظوا رسول الله - عليه السلام - ، فلما أصبح رسول الله - عليه السلام - أخبر بالذي كان من شأنها ، فقال : ألم آمركم أن تؤذنوني بها ؟ فقالوا : يا رسول الله كرهنا أن نخرجك ليلا ونوقظك ، فخرج رسول الله - عليه السلام - حتى صف بالناس على قبرها ، وكبر أربع تكبيرات " .

                                                قال ابن عبد البر : لم يختلف عن مالك في إرسال هذا الحديث ، وقد روى موسى بن محمد بن إبراهيم القرشي ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن رجل من الأنصار : "أن رسول الله - عليه السلام - صلى على قبر امرأة بعد ما دفنت ، فكبر عليها أربعا " . وهذا لم يتابع عليه ، وموسى بن محمد هذا متروك الحديث ، وقد روى سفيان بن حسين هذا الحديث ، عن ابن شهاب ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن أبيه ، عن النبي - عليه السلام - وهو حديث مسند متصل صحيح من غير حديث مالك ، وروي من وجوه كثيرة عن النبي - عليه السلام - كلها ثابتة .

                                                الثاني : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير ، عن أبيه جرير بن حازم ، عن النعمان بن راشد الجزري ، فيه مقال فعن يحيى القطان : ضعيف جدا . وعن أحمد : مضطرب الحديث . وعن يحيى بن معين : ضعيف الحديث . وعنه ليس بشيء . وقال النسائي : ضعيف جدا ، كثير الغلط . ومع هذا أخرج له الجماعة البخاري مستشهدا ، فعلى هذا حديثه صحيح . [ ص: 337 ] وهو يروي عن محمد بن مسلم الزهري ، عن أبي أمامة ، عن بعض أصحاب رسول الله - عليه السلام - .

                                                وأخرجه البيهقي : من حديث الأوزاعي ، عن الزهري ، عن أبي أمامة ، أن بعض الصحابة أخبره . . . إلى آخره نحوه .

                                                وأخرجه النسائي مرسلا : ثنا قتيبة ، قال : ثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي أمامة بن سهل ، قال : "مرضت امرأة من أهل العوالي ، وكان النبي - عليه السلام - أحسن شيء عيادة للمريض ، فقال : إذا ماتت فآذنوني ، فماتت ليلا ، فدفنوها ولم يعلموا النبي - عليه السلام - ، فلما أصبح سأل عنها ، فقالوا : كرهنا أن نوقظك يا رسول الله ، فأتى قبرها فصلى عليها وكبر أربعا " .

                                                ويستفاد منه أحكام :

                                                استحباب عيادة المريض ولا سيما الفقراء المساكين .

                                                قال أبو عمر : فيه إباحة عيادة النساء وإن لم تكن ذوات محارم ، ويحمل الحديث هذا عندي أن تكون المرأة متجالة وإن كانت غير متجالة فلا ، إلا أن يسأل عنها ولا ينظر إليها .

                                                وفيه : جواز الأذان بالجنازة وإباحة دفن الميت بالليل وأن التكبيرات عليه أربع ، وأن سنة الصلاة على القبر كسنة الصلاة على الجنازة سواء ، في الصف عليها والدعاء والتكبير ، وجواز الصلاة على القبر وبيان ما كان عليه النبي - عليه السلام - من تواضعه وخلقه الحسن ورعاية خواطر الفقراء والمساكين على جانب عظيم .

                                                وفيه تعليم لأمته أيضا بذلك وإرشادهم إلى التخلق بالأخلاق الحميدة وأخلاق الصالحين .




                                                الخدمات العلمية