الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة الرابعة

[ الدم الذي تراه الحامل ]

اختلف الفقهاء قديما وحديثا هل الدم الذي ترى الحامل هو حيض أم استحاضة ؟ فذهب مالك والشافعي في أصح قوليه وغيرهما إلى أن الحامل تحيض ; وذهب أبو حنيفة وأحمد والثوري وغيرهم إلى [ ص: 49 ] أن الحامل لا تحيض ، وأن الدم الظاهر لها دم فساد وعلة ، إلا أن يصيبها الطلق ، فأجمعوا على أنه دم نفاس ، وأن حكمه حكم الحيض في منعه الصلاة وغير ذلك من أحكامه ، ولمالك وأصحابه في معرفة انتقال الحائض الحامل إذا تمادى بها الدم من حكم الحيض إلى حكم الاستحاضة أقوال مضطربة : أحدها : أن حكمها حكم الحائض نفسها ; ( أعني : إما أن تقعد أكثر أيام الحيض ، ثم هي مستحاضة ، وإما أن تستظهر على أيامها المعتادة بثلاثة أيام ما لم يكن مجموع ذلك أكثر من خمسة عشر يوما ) وقيل : إنها تقعد حائضا ضعف أكثر أيام الحيض ، وقيل : إنها تضعف أكثر أيام الحيض بعدد الشهور التي مرت لها . ففي الشهر الثاني من حملها تضعف أيام أكثر الحيض مرتين ، وفي الثالث ثلاث مرات ، وفي الرابع أربع مرات ، وكذلك ما زادت الأشهر .

وسبب اختلافهم في ذلك : عسر الوقوف على ذلك بالتجربة ، واختلاط الأمرين ، فإنه مرة يكون الدم الذي تراه الحامل دم حيض ، وذلك إذا كانت قوة المرأة وافرة والجنين صغيرا ، وبذلك أمكن أن يكون حمل على حمل على ما حكاه بقراط وجالينوس وسائر الأطباء ، ومرة يكون الدم الذي تراه الحامل لضعف الجنين ومرضه التابع لضعفها ومرضها في الأكثر ، فيكون دم علة ومرض ، وهو في الأكثر دم علة .

التالي السابق


الخدمات العلمية