الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة الثامنة

[ التسليم ]

اختلفوا في التسليم من الصلاة ، فقال الجمهور بوجوبه ، وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : ليس بواجب ، والذين أوجبوه ، منهم من قال : الواجب على المنفرد والإمام تسليمة واحدة ، ومنهم من قال اثنتان ، فذهب الجمهور مذهب ظاهر حديث علي ، وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - فيه " وتحليلها التسليم " ومن ذهب إلى أن الواجب من ذلك تسليمتان ، فلما ثبت من " أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يسلم تسليمتين " وذلك عند من حمل فعله على الوجوب . واختار مالك للمأموم تسليمتين وللإمام واحدة ، وقد قيل عنه إن المأموم يسلم ثلاثا : الواحدة للتحليل ، والثانية للإمام ، والثالثة لمن هو عن يساره .

وأما أبو حنيفة ، فذهب إلى ما رواه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي أن عبد الرحمن بن رافع ، وبكر بن سوادة حدثاه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إذا جلس الرجل في آخر صلاته ، فأحدث قبل أن يسلم فقد تمت صلاته " قال أبو عمر بن عبد البر : وحديث علي المتقدم أثبت عند أهل النقل ; لأن حديث عبد الله بن [ ص: 112 ] عمرو بن العاص انفرد به الإفريقي ، وهو عند أهل النقل ضعيف .

قال القاضي : إن كان أثبت من طريق النقل فإنه محتمل من طريق اللفظ ، وذلك أنه ليس يدل على أن الخروج من الصلاة لا يكون بغير التسليم إلا بضرب من دليل الخطاب وهو مفهوم ضعيف عند الأكثر ، ولكن للجمهور أن يقولوا إن الألف ، واللام التي للحصر أقوى من دليل الخطاب في كون حكم المسكوت عنه بضد حكم المنطوق به .

التالي السابق


الخدمات العلمية