الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( بخلاف ) ( ثوبيه ) المنفصلين تصيب النجاسة أحدهما ولم يعلم عينه ( فيتحرى ) أي يجتهد في تمييز الطاهر بعلامة يستند إليها ليصلي به ويترك الثاني أو يغسله إن اتسع الوقت للتحري وإلا صلى بأي واحد منهما لأنه كعاجز ، فإن لم يمكن تحر تعين غسلهما أو أحدهما للصلاة به إن اتسع الوقت ( بطهور ) متعلق بغسله ( منفصل ) عن محل النجس [ ص: 80 ] ( كذلك ) أي طهورا ولا يضر تغيره بالأوساخ على المعتمد خلافا لظاهر المصنف فلو قال منفصل طاهر لحسن

التالي السابق


( قوله : المنفصلين ) أي المنفصل أحدهما من الآخر كالقميصين والإزارين أو القميص والإزار أو القميص والمنديل بخلاف ما قبله ، فإن المشكوك فيه وإن كان متعددا إلا أنه متصل كطرفي الثوب وكميه ، فلو فصل الكمان كانا كالثوبين كما في ح ( قوله : تصيب النجاسة أحدهما ) أي تحقيقا أو ظنا ( قوله : ولم يعلم عينه ) أي عين أحد الثوبين المصاب بالنجاسة هل هو هذا أو هذا ( قوله : فيتحرى ) أي فيجتهد في تمييز الطاهر من غيره ، فإذا اجتهد وحصل له ظن بطهارة أحدهما صلى به الآن وكذا بوقت آخر ولا يلزمه غسله قبل الصلاة وترك الثوب الثاني أو غسله ، فإن اجتهد فلم يقع له ظن في الثوبين ، فإنه ينضح أحدهما ويصلي به عملا بما يأتي في قوله ، وإن شك في إصابتها لثوب وجب نضحه لشكه في الإصابة لكل منهما حينئذ ، قاله أبو علي المسناوي قال بن وهو ظاهر خلافا لما في ح ومشى عليه شارحنا حيث قال : فإن لم يمكن التحري أي لعدم وجود علامة يستند إليها فلم يحصل له ظن بطهارة أحد الثوبين تعين غسلهما أو أحدهما للصلاة به إن اتسع الوقت ( قوله : إن اتسع الوقت إلخ ) شرط في قوله فيتحرى .

وحاصل كلامه أن الوقت إما أن يكون متسعا أو ضيقا لا يسع التحري ، وفي كل إما أن يمكن التحري لوجود علامة يستند إليها ، وإما أن لا يمكن التحري لعدم وجود علامة ، فإن كان الوقت متسعا وأمكن التحري تحرى أحدهما وإن لم يمكن التحري والفرض أن الوقت متسع تعين غسلهما أو أحدهما للصلاة به على ما قاله الشارح تبعا لح وإن ضاق الوقت عن التحري وكان يمكن التحري أن لو كان متسعا أو كان لا يمكن صلى بأي واحدة منهما وما ذكره المصنف من وجوب التحري في الثوبين إن أمكن واتسع الوقت طريقة لابن شاس وهي المشهورة من المذهب وعليها فالفرق بين الكمين يغسلان والثوبين يتحرى أن الكمين لما اتصلا صارا بمثابة الشيء الواحد ولا كذلك الثوبان والذي لسند أن الثوبين كالكمين يجب غسلهما معا ولا يتحرى فيهما إلا عند الضرورة كضيق الوقت أو عدم وجود ماء يغسل به الثوبين قاله في التوضيح ورد ابن هارون طريقة ابن شاس بأنه إذا تحرى ولم يكن مضطرا فقد أدخل احتمال الخلل في صلاته لغير ضرورة قال ح وهو ظاهر ا هـ وقال ابن الماجشون إذا [ ص: 80 ] أصاب أحد الثوبين أو الأثواب نجاسة ولم يعلم عينها صلى بعدد النجس وزيادة ثوب كالأواني وفرق بينهما على المشهور بخفة الأخباث عن الأحداث ( قوله : كذلك ) حال من الضمير في منفصل أي منفصل حالة كونه طهورا أي منفصل عن أعراض النجاسة هذا هو المراد ( قوله : ولا يضر تغيره بالأوساخ ) وذلك كثوب البقال واللحام إذا أصابته نجاسة فلا يشترط في تطهيره إزالة ما فيه من الأوساخ بحيث ينفصل الماء غير متغير بها بل متى انفصل الماء خاليا عن أعراض النجاسة ولو بقي فيه غيرها من الوسخ فقد طهرت وكالثوب المصبوغ بزرقة مثلا إذا تنجس قبل الصبغ أو بعده فالشرط في طهارته انفصال الماء عنه خاليا عن أعراض النجاسة لا عن الزرقة وهذا مشهور مبني على ضعيف وهو أن الماء المضاف كالماء المطلق لا يتنجس بمجرد ملاقاة النجاسة له .




الخدمات العلمية