الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من طقوس وسواسية واهية وتخيلات.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أشعر أني مجنونة، فأنا كثيرة التفكير في أمور تافهة جداً، تؤثر على حياتي، فمثلاً ذات مرة دخلت الحمام عند أقاربنا وكانوا نائمين، ولكني ظللت أفكر هل كان أحدهم كان مستيقظاً ونظر إلى من الباب أو أحدهم زرع كاميرات في الحمام؟!

أقسم أن هذه الأمور التافهة تصل معي لدرجة البكاء، ولا أستطيع التركيز في دراستي بسببها، والمشكلة الأكبر أنها مهما مر عليها من الزمن تظل عالقة في مخي، فماذا أفعل؟ وما هو سببها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

لديك استشارات سابقة، وأحدها كان من شهر، أجابت عليها الأستاذة هالة دياب.

استشارتك هذه واضحة جدًّا، ما تعانين منه هو نوع من الوساوس القهرية من الدرجة البسيطة، والوسواس له عدة أنواع: وساوس في الدين والعقيدة وفي الذات الإلهية، ووساوس في الجنس، ووساوس ظنانية مثل هذا النوع الذي تعانين منه، ووساوس قد تكون حول العنف، وأنواع أخرى.

هذا النوع من الوسواس علاجه بسيط نسبيًّا، هنالك أدوية فعّالة جدًّا تُعالج هذا النوع من الوسوسة بصورة ممتازة، وهنالك أيضًا تطبيقات سلوكية، أهمها هو: ألَّا تدخلي في حوارٍ مع الوسواس، منذ الوهلة الأولى وحين تبدأ عندك الخاطرة الوسواسية وقبل أن تتحول إلى فكرة مكتملة؛ تُخاطبي الخاطرة قائلة: (أقف، أقف، أقف، أنت وسواس حقير، أنا لن أهتمّ بك، أنا أُحِقِّرُك، أنا أتجاهلك) أو شيء من هذا القبيل. هذا تمرين (وقف الأفكار) تمرين ممتاز.

هناك تمرين آخر نُسمِّيه بـ (التنفير السلوكي) وهو أن تربطي الفكرة الوسواسية بفعلٍ أو شعورٍ مخالف لها تمامًا، لأنه يُوجد ما يُسمَّى بـ (التنافر المعرفي)، أي أن الأشياء المتناقضة لا تلتقي في حيِّز فكري واحد، فمثلاً: إذا استجلبت الخاطرة الوسواسية هذه وقمت بالضرب على يدك في نفس اللحظة، ضربٌ بقوةٍ وشدَّةٍ على سطح صلب مثل سطح طاولة مثلاً، بشرط أن تحسي بألمٍ شديد ناتج من هذه الضربة، وتفكّري كما ذكرتُ لك في نفس الفكرة الوسواسية. إيقاع الألم مع بداية الخاطرة الوسواسية سوف يُضعف الخاطرة الوسواسية. مثل هذا التمرين يُكرر أيضًا 10 أو 15 مرة.

تمرين آخر تنفيري وهو مثلاً: شمُّ رائحة كريهة، إذا كان ذلك متيسِّرًا، وفي نفس لحظة الشمّ للرائحة الكريهة تُفكري في الخاطرة الوسواسية، وتكرري هذا عدة مرات.

هذه التمارين تُضعف مثل هذه الخواطر كثيرًا، فإذًا هذه تطبيقات مهمّة، وتطبيقات مفيدة، أرجو أن تحرصي عليها.

بصفة عامّة: لا تتركي مجالاً للفراغ، اجتهدي في دراستك، اجتهدي في عبادتك، الترفيه عن نفسك، الجلوس مع الأسرة، القراءة، ... هذا كله حقيقة يُقلِّل الفراغ الزمني والذهني، وهذا قطعًا يُقلِّل من فرص الوسواس كثيرًا.

أنت محتاجة حقيقة لعلاج دوائي. إن كان بالإمكان أن تذهبي إلى طبيب نفسي فهذا جميل، وإن لم يكن ذلك ممكنًا سأصف لك دواءً يُسمَّى (فافرين)، دواء سليم، غير إدماني، غير تعودي، ولا يُؤثّر على الهرمونات النسائية، والجرعة التي تحتاجين لها جرعة صغيرة، تبدئين بخمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم تجعليها مائة مليجرام ليلاً لمدة أربعة أشهر، وهذه هي الجرعة العلاجية في حالتك، علمًا بأن الجرعة العلاجية الكلية قد تصل إلى ثلاثمائة مليجرام في اليوم، لكنّك لست في حاجة لهذه الجرعة.

بعد انقضاء مدة أربعة أشهر اجعلي الجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول العلاج.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً