الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 90 ] باب النوافل

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من ثابر على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة بنى الله له بيتا في الجنة : ركعتين قبل الفجر ، وأربعا قبل الظهر ، وركعتين بعدها ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء " . ويستحب أن يصلي بعد الظهر أربعا ، وقبل العصر أربعا ، وبعد المغرب ستا ، وقبل العشاء أربعا وبعدها أربعا ، ويصلي قبل الجمعة أربعا ، وبعدها أربعا ، ويلزم التطوع بالشروع مضيا ( ف ) وقضاء ( ف ) ، فإن افتتحه قائما ثم قعد لغير عذر جاز ( سم ) ويكره . وصلاة الليل ركعتان بتسليمة أو أربع أو ست ( سم ف ) أو ثمان ، ويكره الزيادة على ذلك ، وفي النهار ركعتان أو أربع ( ف ) ، والأفضل فيهما الأربع ، ولا يزيد في النهار على أربع بتسليمة ، وطول القيام أفضل من كثرة السجود ، والقراءة واجبة في جميع ركعات النفل .

التالي السابق


باب النوافل

عن أم حبيبة وعائشة وأبي هريرة وأبي موسى الأشعري وابن عمر - رضي الله عنهم - قالوا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من ثابر على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة بنى الله له بيتا في الجنة : ركعتين قبل الفجر ، وأربعا قبل الظهر ، وركعتين بعدها ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء " .

[ ص: 91 ] فهذه مؤكدات لا ينبغي تركها ، فقد قال - عليه الصلاة والسلام - في ركعتي الفجر : " صلوها ولو أدركتكم الخيل " ، وقال : " هما خير من الدنيا وما فيها " ، روته عائشة حتى كره أن يصليهما قاعدا لغير عذر . وقال - عليه الصلاة والسلام - : " من ترك أربعا قبل الظهر لم تنله شفاعتي " .

( ويستحب أن يصلي بعد الظهر أربعا ) قالت أم حبيبة : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر ، وأربع بعدها حرمه الله على النار " .

( وقبل العصر أربعا ) وعن أبي حنيفة ركعتين ، وكل ذلك جاء عنه - عليه الصلاة والسلام - .

( وبعد المغرب ستا ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بشيء عدلن له عبادة ثنتي عشرة سنة " ، وقد ورد في القيام بعد المغرب فضل كثير ، وقيل هي ناشئة الليل وتسمى صلاة الأوابين ، وروت عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : " من صلى بعد المغرب عشرين ركعة بنى الله له بيتا في الجنة " .

( وقبل العشاء أربعا ) وقيل : ركعتين .

( وبعدها أربعا ) وقيل : ركعتين ، وعن عائشة أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يصلي قبل العشاء أربعا ، ثم يصلي بعدها أربعا ثم يضطجع .

( ويصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا ) هكذا روي عن ابن مسعود ، وروى أبو هريرة - رضي الله عنه - أنه - عليه الصلاة والسلام - قال : " من كان مصليا الجمعة فليصل قبلها أربعا وبعدها [ ص: 92 ] أربعا ، وقيل : بعدها ستا بتسليمتين مروي عن علي وهو مذهب أبي يوسف ، وكل صلاة بعدها سنة يكره القعود بعدها ، بل يشتغل بالسنة لئلا يفصل بين السنة والمكتوبة ، وعن عائشة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقعد مقدار ما يقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، ثم يقوم إلى السنة " ، ولا يتطوع مكان الفرض لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " أيعجز أحدكم إذا فرغ من صلاته أن يتقدم أو يتأخر بسبحته " ، وكذا يستحب للجماعة كسر الصفوف لئلا يظن الداخل أنهم في الفرض .

قال : ( ويلزم التطوع بالشروع مضيا وقضاء ) لقوله تعالى : ( ولا تبطلوا أعمالكم ) وقياسا على الصوم فيجب المضي ويجب القضاء لعدم الفصل ، ولقوله - عليه الصلاة والسلام - للصائم : " أجب أخاك واقض يوما مكانه " ، وقال - عليه الصلاة والسلام - لعائشة وحفصة وقد أفطرتا في صوم التطوع : " اقضيا يوما مكانه ولا تعودا " ، ويجوز قاعدا مع القدرة على القيام لقول عائشة : " كان - عليه الصلاة والسلام - يصلي قاعدا ، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ آيات ثم ركع وسجد ثم عاد إلى القعود " ، ولأن الصلاة خير موضوع فربما شق عليه القيام فجاز له ذلك إحرازا للخير ، وهذا مما لا ينقل فيه خلاف .

قال : ( فإن افتتحه قائما ثم قعد لغير عذر جاز ، ويكره ) وقالا : لا يجوز اعتبارا بالنذر . وله أن فوات القيام لا يبطل التطوع ابتداء فكذا بقاء ، وهذا لأن القيام صفة زائدة فلا يلزم إلا بالتزامه صريحا كالتتابع في الصوم ، ولهذا خالف النذر .

[ ص: 93 ] قال : ( وصلاة الليل ركعتان بتسليمة أو أربع أو ست أو ثمان ) وكل ذلك نقل في تهجده - عليه الصلاة والسلام - .

( ويكره الزيادة على ذلك ) لأنه لم ينقل ، وقيل لا يكره كالثمان .

قال : ( وفي النهار ركعتان أو أربع ، والأفضل فيهما الأربع ) وقالا : الأفضل في الليل المثنى اعتبارا بالتراويح ، ولقوله - عليه الصلاة والسلام - : " صلاة الليل مثنى مثنى " وبين كل ركعتين فسلم ، وله قول عائشة : " كان - عليه الصلاة والسلام - يصلي بعد العشاء أربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم أربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن " . وكان - عليه الصلاة والسلام - يواظب على صلاة الضحى أربعا بتسليمة ولأنها أدوم تحريمة ، فكان أشق فتكون أفضل . قال - عليه الصلاة والسلام - : " أفضل الأعمال أحمزها " أي أشقها . أما التراويح فتؤدى بجماعة فكان مبناها على التخفيف دفعا للحرج عنهم . وأما قوله - عليه الصلاة والسلام - : " مثنى مثنى " معناه والله أعلم : أنه يتشهد على كل ركعتين ، فسماه مثنى لوقوع الفصل بين كل ركعتين بتشهد ، ويؤيده ما روي : " أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يصلي أربعا قبل العصر يفصل بينهن بالسلام على الملائكة المقربين ومن تابعهم من المسلمين والمؤمنين " ، قال الترمذي : معناه الفصل بينهما بالتشهد .

( ولا يزيد في النهار على أربع بتسليمة ) لأنه لم ينقل .

[ ص: 94 ] قال : ( وطول القيام أفضل من كثرة السجود ) لما روى جابر قال : " قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي الصلاة أفضل ؟ قال : " طول القنوت " ; لأنه أشق ولأن فيه قراءة القرآن ، وهو أفضل من التسبيح . قال : ( القراءة واجبة في جميع ركعات النفل ) لأن كل شفع صلاة ، فإنه لا يجب بالتحريمة سوى شفع واحد ، والقيام إلى الثالثة كتحريمة مبتدأة حتى قالوا يستحب الاستفتاح في الثالثة . ويجوز للراكب أن يتنفل على دابته إلى أي جهة توجهت يومئ إيماء إذا كان خارج المصر .

قال ابن عمر : " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر يومئ إيماء " . وعن أبي حنيفة أنه ينزل لركعتي الفجر لأنهما آكد من غيرهما . وعن أبي يوسف أنه يجوز في المصر أيضا . وعن محمد أنه يكره .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز لأن النص ورد خارج المصر ؛ لأن الحاجة إلى الركوب فيه أغلب ، فلا يقاس عليه المصر .




الخدمات العلمية