الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
واختلف في المسح على الجوربين ، فلم يجزه أبو حنيفة والشافعي إلا أن يكونا مجلدين . وحكى الطحاوي عن مالك أنه لا يمسح وإن كانا مجلدين . وحكى بعض أصحاب مالك عنه أنه لا يمسح إلا أن يكونا مجلدين كالخفين . وقال الثوري وأبو يوسف ومحمد والحسن بن صالح : ( يمسح إذا كانا ثخينين وإن لم يكونا مجلدين ) . والأصل فيه أنه قد ثبت أن مراد الآية الغسل على ما قدمنا ، فلو لم ترد الآثار المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين لما أجزنا المسح ، فلما وردت الآثار الصحاح واحتجنا إلى استعمالها مع الآية استعملناها معها على موافقة الآية في احتمالها للمسح وتركنا الباقي على مقتضى الآية ومرادها ؛ ولما لم ترد الآثار في جواز المسح على الجوربين في وزن ورودها في المسح على الخفين بقينا حكم الغسل على مراد الآية ولم ننقله عنه .

فإن قيل : روى المغيرة بن شعبة وأبو موسى : أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه . قيل له : يحتمل أنهما كانا مجلدين ، فلا دلالة فيه على موضع الخلاف ؛ إذ ليس بعموم لفظ وإنما هو حكاية فعل لا نعلم . وأيضا يحتمل أن يكون وضوء من لم يحدث ، كما مسح على رجليه وقال : ( هذا وضوء من لم يحدث ) . ومن جهة النظر اتفاق الجمع على امتناع جواز المسح على اللفافة ؛ إذ ليس في العادة المشي فيها ، كذلك الجوربان . وأما إذا كانا مجلدين فهما بمنزلة الخفين ويمشي فيهما وبمنزلة [ ص: 357 ] الجرموقين ، ألا ترى أنهم قد اتفقوا على أنه إذا كان كله مجلدا جاز المسح ؟ ولا فرق بين أن يكون جميعه مجلدا أو بعضه بعد أن يكون بمنزلة الخفين في المشي والتصرف .

التالي السابق


الخدمات العلمية