الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وسترة لإمام وفذ )

                                                                                                                            ش : عطفها على ما تقدم أنها من السنن وهو خلاف ما صدر به صاحب الشامل وابن عرفة قال في الشامل : والسترة مستحبة وقيل : سنة وقال ابن عرفة وسترة المصلي غير مأموم حيث توقع مارا ، قال عياض : مستحبة . الباجي : مندوبة . ابن العربي : متأكدة . الكافي : حسنة . وقيل : سنة . انتهى ونحوه للأبي وقال ابن ناجي : اختلف في حكم السترة على ثلاثة أقوال : الأول أنها مستحبة قاله عياض ومثله قول الباجي : مندوبة . الثاني سنة قاله في الكافي . الثالث واجبة خرجه ابن عبد السلام من تأثيم المار وله مندوحة ورده ابن عرفة بأن اتفاقهم على تعلق التأثيم بالمرور نص في عدم الوجوب وإلا لزم دون مرور وفي التوضيح الأمر أمر ندب كذا قال الباجي وغيره التونسي ، وسئل مالك عن موعظة الذي يصلي إلى غير سترة قال : لا أدري ولكنه حسن . والعلماء مختلفون فمنهم من يقوى على أن يعظ الناس ، ومنهم من لا يقوى على ذلك ابن مسلمة ، ومن ترك السترة فقد أخطأ ولا شيء عليه ، وقال ابن حبيب : السنة الصلاة إلى السترة وأن ذلك من هيئة الصلاة التونسي انظر قوله : من هيئة الصلاة ، ومن سننها وافهم ذلك ورتبه على الحكم في تارك السنن ، انتهى .

                                                                                                                            والإجماع على الأمر بالسترة ونقله ابن بشير انتهى كلام التوضيح . وقال الشيخ أبو الحسن الصغير : الكلام هنا في السترة وهي من فضائل الصلاة انتهى . وقال القاضي عياض في قواعده : من فضائل الصلاة الدنو من السترة للإمام والفذ . قال القباب عن ابن رشد من فضائل الصلاة السترة قال في الإكمال والسترة عندنا من فضائل الصلاة ومستحباتها انتهى .

                                                                                                                            ص ( إن خشيا مرورا )

                                                                                                                            ش : قال في المدونة ويصلي في السفر والحضر في موضع يأمن فيه من مرور شيء بين يديه إلى غير سترة ابن ناجي ما ذكره هو المشهور وقال مالك في العتبية : يؤمر بها مطلقا . واختاره اللخمي وبه قال ابن حبيب .

                                                                                                                            ص ( بطاهر ثابت غير مشغل في غلظ رمح وطول ذراع )

                                                                                                                            ش قال ابن عرفة : وأقلها قدر عظم [ ص: 533 ] الذراع في جلة الرمح ابن حبيب أو في جلة الحربة وفيها بسترة قدر مؤخرة الرحل وهو نحو من عظم الذراع في جلة الرمح وإنما كره ما دق جدا انتهى ولفظ المدونة والخط باطل ولا يصلي في الحضر إلا إلى السترة ويدنو منها وبسترة قدر مؤخرة الرحل هو نحو من عظم الذراع قال مالك : وإني لا أحب أن يكون في جلة الرمح والحربة ، وليس السوط بسترة انتهى .

                                                                                                                            قال ابن ناجي ما ذكره هو المشهور في الكتاب وقال ابن حبيب يجوز دون مؤخرة الرحل ودون جلة الرمح حكاه ابن رشد . قال ابن هارون : وقول اللخمي : يجوز ارتفاع شبر ليس بخلاف ; لأنه نحو من عظم الذراع وما حكاه ابن عات عن مالك قدر الذراع لعله يريد عظم الذراع والذي نقله غير واحد عن مالك غير ذلك . قلت : ما ذكره ابن عات في الجلاب وقد علمت أن ما فيه لمالك حتى يعزوه لغيره ولفظه وأقل ذلك ما علوه ذراع في غلظ الرمح انتهى . وجلة الرمح بكسر الجيم وتشديد اللام غلظه قاله عياض ، وقال ابن عرفة إثر كلامه السابق وما استلزمه من طاهر ثابت غير مشوش مثله وروى ابن حبيب القلنسوة والوسادة ذواتا ارتفاع سترة ، ورواه علي بقيد إن لم يجد ، انتهى .

                                                                                                                            ص ( لا دابة وحجر واحد وخط وأجنبية وفي المحرم قولان )

                                                                                                                            ش قال في الزاهي : ومن صلى إلى نائم لم يعد ، ومن استتر بجنب رجل فلا بأس ولا بأس أن يستتر الرجل بقلنسوته إذا كان بها ارتفاع وكذلك الوسادة والمرفقة وليست النار ولا الماء ولا الوادي سترة ولا يستتر المصلي بردائه ولا يستتر بمخنث ولا مأبون ولا يصلي أحد إلى من يواجهه ، ولا يستتر بشيء يخاف زواله عنه في الصلاة ولا من مر بين يدي مصل وجاوزه فلا يرده ولو لم يجاوزه لرده فإن جذبه فخر ميتا فالدية على عاقلته ولا يستتر بالمصحف ولا بأس بالسترة بالصبي ، وإن كان [ ص: 534 ] لا يتحفظ من الوضوء ولا بأس بالسترة بالمتحدثين ما لم يكونوا متحلقين ، انتهى .

                                                                                                                            ( فرع ) قال ابن ناجي : واختار بعض شيوخنا يعني ابن عرفة وشيخنا أبو مهدي أن الرداء الذي جرت العادة بكونه يعمل سترا للباب يكفي في السترة ; لأن الغرض يحصل به أكثر مما يحصل من قدر عظم الذراع وكذلك الزرع إن كان متراكما وما قاله في الزرع ظاهر وأما الرداء وشبهه فظاهر كلامهم خلافه لرقته ، انتهى كلام ابن ناجي .

                                                                                                                            ( فرع ) لا يجوز للرجل أن يصلي إلى وجه الرجل مستقبلا له في صلاته لما يدخل عليه بذلك من الشغل والذي يصلي إلى جنب الرجل قريبا منه في المعنى ; لأنه لا يأمن أن يلتفت فيستقبله بوجهه ولهذا المعنى كرهت الصلاة إلى المتحلقين قاله ابن رشد في أول رسم من سماع أشهب .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية