الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          520 - مسألة : ولا يجوز أن يصلي صلاة الخوف بطائفتين من خاف من طالب له بحق ، ولا أن يصلي أصلا بثلاث طوائف فصاعدا ؟ لأن في صلاتها بطائفتين عملا لكل طائفة في صلاتها هي منهية عنه إن كانت باغية

                                                                                                                                                                                          ومن عمل في صلاته ما لم يؤمر به فلا صلاة له ، إذ لم يصل كما أمر ؟ وكذلك من صلى راكبا ، أو ماشيا ، أو محاربا ، أو لغير القبلة ، أو قاعدا خوف طالب له بحق ; لأنه في كل ذلك عمل عملا قد نهي عنه في صلاته ، وهو في كونه مطلوبا بباطل عامل من كل ذلك عملا أبيح له في صلاته تلك ؟ ولم يصل عليه السلام قط بثلاث طوائف ، ولولا صلاته عليه السلام بطائفتين لما جاز ذلك ، لأنه عمل في الصلاة ، ولا يجوز عمل في الصلاة ، إلا ما أباحه النص ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن في الصلاة لشغلا } . والواحد مع الإمام طائفة وصلاة جماعة ومن صلى كما ذكرنا هاربا عن كافر أو عن باغ بطلت صلاته أيضا ، إلا أن ينوي في مشيه ذلك تحرفا لقتال أو تحيزا إلى فئة فتجزئه صلاته حينئذ .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 244 ] لأن الله تعالى قال : { إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله } فمن ولي الكفار ظهره والبغاة المفترض قتالهم لا ينوي تحيزا ولا تحرفا - : فقد عمل في صلاته عملا محرما عليه ، فلم يصل كما أمر - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          وأما الفار عن السباع ، والنار ، والحنش ، والمجنون ، والحيوان العادي ، والسيل وخوف عطش ، وخوف فوت الرفقة ، أو فوت متاعه ، أو ضلال الطريق - : فصلاته تامة ، لأنه لم يفعل في ذلك إلا ما أمر به - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية