الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما موقف المسلم من الدعاة غير الملتزمين بالسنة في الهدي الظاهر

السؤال

الإخوة الأفاضل:أحب كثيرا أن أستمع إلى المشايخ والدعاة في القنوات الفضائية وهناك الكثيرون الذين أعطاهم الله تعالى القدرة على الوصول إلى قلوب البشر واستطاعوا بأسلوبهم الأخاذ أن يصلوا بكثير من العصاة إلى بر التوبة والأمان وإني وغيري الكثيرين نجد الراحة الكبيرة في الاستماع إلى محاضراتهم التي يشهد الله تعالى أنه ليس فيها ما يحيد عن منهج الإسلام وأجدهم لا يأمرون إلا بمعروف ولا ينهون إلا عن منكر... ويدعون إلى محبة الله تعالى.. إلا أن ما يضايقني في الأمر هو بعض المآخذ التي تؤخذ على مثل هؤلاء الدعاة وهي عدم التزامهم بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في اللباس والالتحاء. حيث أنهم يرتدون البدل الحديثة وأربطة العنق ولا يلتزمون بقصر البنطلون الذى من المفترض أن يكون لا يتجاوز كعب القدم.. فهل هذا سبب يدعوني إلى عدم الاستماع لمثلهم. في عصرنا هذا اختلطت علينا الأمور فقد تجد من المسلمين من يرتدى الجلباب ويطلق اللحية ولكن لا يطبق في معاملاته من الدين شيئاً ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى لا يؤاخذكم بصوركم وأشكالكم ولكن بما كسبت قلوبكم.. وأنا أجد في هؤلاء الدعاة الكثير من الخير وتقوى الله تعالى مما قد لا أجده في غيرهم فهل أترك الاستماع لهم مع راحتي واقتناعي التام بهم وأبحث عن غيرهم ممن قد لا يملكون القدرة على الوصول إلى قلوب الناس.
في انتظار ردكم.
مع شكرى الجزيل شفاء

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن أولى الناس بالتمسك بتعاليم الدين (وخصوصاً ما تعلق منها بالهدي الظاهر) هم طلبة العلم والدعاة إلى الله تعالى، إذ إنهم الطليعة والروََّاد والقدوة والمبشرون بعزّ الإسلام، وهديه وحسن سمته.

ولاشك أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الظاهر والباطن، فإذا صلح الباطن فينبغي أن يُرى أثر ذلك الصلاح على الظاهر، وانظري الفتوى رقم: 2846.

ولكن إذا خالف بعض العلماء والدعاة فتركوا شيئاً من الهدي الظاهر، فإن الأوْلى إحسان الظن بهم، فإن ثمت موانع قد تمنع بعضهم من التمسك بما شرعه الله تعالى من الهدي الظاهر، ومن هذه الأسباب: عدم اعتقاد وجوب التزام ذلك الهدي، ومن ذلك إعفاء اللحية، فمع أن الجمهور على وجوب إعفائها وحرمة حلقها للأدلة المتكاثرة على ذلك (انظريها في الفتويين: 14055، 2711.

إلا أن المتأخرين من الشافعية لا يقولون بحرمة حلقها، وإنما يقولون بكراهة ذلك، وانظري الفتوى رقم: 1491.

وكذلك إسبال الثياب، فمع اتفاق العلماء على حرمة جر الثوب خيلاء، إلا إنهم اختلفوا في حكم من أسبل ثوبه لكن بدون خيلاء، وانظري الفتوى رقم: 5943.

هذا، وينبغي التنبه إلى أمور:

الأول: أن ترك بعض العلماء والدعاة لبعض الواجبات أو المندوبات تهاوناً وتقصيراً أو تأولاً لا يجعلنا نتابعهم على ما هم عليه، فإن متبوعنا هو نبينا المعصوم صلى الله عليه وسلم.

الثاني: ليس كل من ظهر على شاشات التلفاز أو نُشر له في الصحف يكون من العلماء الذين يؤخذ عنهم، فإن مجال الإعلام قد دخله أناس كثيرون، فمنهم من يقتدى بفعالهم، ومنهم من ليس أهلاً لذلك.

الثالث: إن قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. رواه مسلم لا يدل على أن التمسك بالهدي الظاهر ليس مما لا ينظر الله إليه، بل هو من الأعمال المطلوبة، إما على الوجوب أو الاستحباب.

الرابع: من الأدب مع نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أن إذا ذكرناه أن نصلي عليه كما أمرنا، الأفضل أن تجمع بين التلفظ بالصلاة عليه وكتابتها، وأن لا نكتفي بالرمز (صلعم) اختصاراً، وانظر الفتوى رقم: 7334.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني