الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

فتاة كانت مصابة بالوسواس في الطهارة، وفي العقيدة، وتركت الصلاة والدِّين استكبارًا وجحدًا فترة من الزمن، وكانت سعيدة بذلك، وتبتسم، وأصبح يصدر منها استهزاء بالدين –بالكلام، أو بالحركات، أو بحركات اليد عند سماع كلام ديني مثلًا، أو غيرها من الحركات، أو بالضحك، أو النظرات عند سماع شيء ديني، أو الضحك والإعجاب عند سماع شيء فيه استهزاء بالدِّين وكفر-، فهل تكفر بذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كانت هذه الفتاة قد فعلت ما ذكر بغير اختيار منها، بأن حملتها الوساوس على ذلك، ولم تستطع دفعها، فلا إثم عليها -إن شاء الله-؛ لأنها في معنى المكره، وقد قال تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النحل:106}.

وأما إن كانت فعلت ما فعلت مختارة، بأن أمكنها دفعه عن نفسها، فلم تفعل، فما فعلته ردة -عياذًا بالله.

وأيًّا ما كان الأمر، فإن باب التوبة مفتوح، لا يغلق في وجه أحد؛ حتى تطلع الشمس من مغربها، فلتتب هذه الفتاة إلى الله تعالى، إن كانت ارتكبت مختارة ما ينقض الإسلام، ولتعلم أن الله غفور رحيم، وأنه سبحانه يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، ولتقبل على طاعة الله تعالى؛ مكثرة من الحسنات.

ولتعرض عن الوساوس، ولا تعرها اهتمامًا، فإن استرسالها مع الوساوس يفضي بها إلى شر عظيم.

وهذا كله على تسليم صحة ما ذكر في السؤال، وإلا فقد يتوهم الموسوس أنه فعل ذلك ولم يفعله.

وقد يكون كل ذلك من تلك التوهمات التي أوجبتها الوساوس لتلك الفتاة، وما في نفس الأمر أنه لم يصدر منها شيء من ذلك أصلًا، وهذا الذي يغلب على الظن.

وننصح تلك الفتاة بمراجعة طبيبة ثقة -نسأل الله لها العافية-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني