الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انتفاع الشخص بما اكتسبه من الحرام

السؤال

لديّ صديق كان يعمل في البورصة، في اختصاص المتاجرة بالعملات (الفوركس)، وهو مقتنع أن عمله حرام، ويريد الابتعاد عن هذا العمل، لكن بالنسبة للمال الذي اكتسبه: هل يجوز أن يفتح به مشروعًا تجاريًّا يستفيد منه، وإذا ربح تخلص من رأس المال، وتكون المصلحة حلالًا -إن شاء الله-؟ علمًا أن وضعه المادي سيئ جدًّا، وهو بحاجة للعمل؛ ليصرف على دراسته، وعلى أهله في الغربة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فعلى فرض كون العمل الذي اكتسب منه المال محرمًا، وقد كان عالمًا بالتحريم لا جاهلًا به، فما اكتسبه منه يعتبر كسبًا خبيثًا، وليس له الانتفاع به في خاصة نفسه، إلا أن يكون فقيرًا محتاجًا، فله حينئذ أن يأخذ منه بقدر حاجته، ولا يزيد عليها، قال النووي في المجموع: وإذا دفعه -المال الحرام- إلى الفقير لا يكون حرامًا على الفقير، بل يكون حلالًا طيبًا، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيرًا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء، فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته؛ لأنه أيضًا فقير. انتهى كلامه.

وقال ابن القيم في الزاد: فإن كان محتاجًا إليه، فله أن يأخذ قدر حاجته، ويتصدق بالباقي، فهذا حكم كل كسب خبيث لخبث عوضه، عينًا كان أو منفعة. اهـ.

وقال شيخ الإسلام: فإن تابت هذه البغي، وهذا الخَمَّار، وكانوا فقراء، جاز أن يصرف إليهم من هذا المال قدر حاجتهم، فإن كان يقدر يتجر أو يعمل صنعة، كالنسج، والغزل، أعطي ما يكون له رأس مال. وإن اقترضوا منه شيئًا ليكتسبوا به ... كان أحسن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني