الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما تستلزمه قوامة الرجل وما لا تستلزمه

السؤال

أعلم أن الرجل قوام على المرأة، لكن هل يعني هذا أنه يقرر كل شيء في الأمور الدنيوية، دون استشارة زوجته؟
وما حكم الرجل الذي تقرر زوجته كل شيء في الأمور الدنيوية، مثل اختيار أثاث المنزل وغيره، أو الرجل الذي يجلس في البيت مع الأولاد، وزوجته هي التي تعمل، هل عليه شيء؟
وهل إذا أرادت المرأة المتزوجة السفر مع زوجها، أو فعل أي شيء يوافق عليه زوجها، هل عليها أخذ إذن من وليها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقوامة الرجل على زوجته، تقتضي رعايته لمصالحها الدنيوية والدينية.

قال السعدي -رحمه الله-: قوامون عليهن، بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك، وقوامون عليهن أيضا بالإنفاق عليهن، والكسوة والمسكن. تفسير السعدي.

ولا تستلزم القوامة انفراد الزوج بتدبير كل أموره الدنيوية، دون مشاورة زوجته، بل المشاورة بين الزوجين محمودة، وقد استحب أهل العلم مشاورة الرجل زوجته في تزويج ابنتهما.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: ويستحب استئذان المرأة في تزويج ابنتها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «آمروا النساء في بناتهن». ولأنها تشاركه في النظر لابنتها، وتحصيل المصلحة لها، لشفقتها عليها، وفي استئذانها تطييب قلبها، وإرضاء لها فتكون أولى. المغني لابن قدامة.

وإذا ترك الرجل لزوجته اختيار أثاث البيت أو نحوه، فلا حرج عليه في ذلك، ما دامت عاقلة، ولا تختار شيئاً محرماً.
والأصل أنّ الزوج هو الذي يكتسب، وينفق على زوجته وأولاده، لكن إذا لم يجد الرجل كسباً، وكانت المرأة مكتسبة بطريق مباح لا يشتمل على مخالفة للشرع، ورضيت المرأة بالإنفاق على الزوج بطيب نفس، فلا مانع من ذلك، ولا يلغي ذلك قوامته عليها، فإنّ القوامة ليست بسبب إنفاق الزوج فقط.

قال ابن العربي -رحمه الله-: "قَوْلُهُ: { بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}: الْمَعْنَى إنِّي جَعَلْت الْقَوَّامِيَّةَ عَلَى الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ لِأَجْلِ تَفْضِيلِي لَهُ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ لِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:

الْأَوَّلُ: كَمَالُ الْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ.

الثَّانِي: كَمَالُ الدِّينِ وَالطَّاعَةِ فِي الْجِهَادِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ عَلَى الْعُمُومِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ...................

الثَّالِثُ: بَذْلُهُ الْمَالَ مِنْ الصَّدَاقِ وَالنَّفَقَةِ. أحكام القرآن لابن العربي.
أمّا استئذان المرأة ذات الزوج من أهلها للسفر أو غيره، فليس واجباً عليها، ولكن عليها استئذان زوجها، فإنّ طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين.

قال ابن تيمية (رحمه الله): الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ، كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا، وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ. مجموع الفتاوى.
وقال المرداوي الحنبلي (رحمه الله): لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها، ولا زيارة ونحوها، بل طاعة زوجها أحق. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني